المركز العربي للتحليل السياسي - رئيس المركز المحامي ادوار حشوة

The Arabic Center for Political Analysis - President Adwar Hachwa Attorney in Law

 Home   The Author   Books      Articles       Forum     News  Literary Articles   Syrian Pictures     Content     Contact us

     الاتصال       دليل الموقع          صورسورية         مقالات ادبية            اخبار      اعلن رأيك      مقالات            كتب        الكاتب   الصفحة الأولى

 

 

 

 

 

 

  المرأة في التاريخ ...


محاضرة إدوار حشوة


الحياة تقوم على ثنائية وفرتها الطبيعة الليل والنهار الظلام والنور الخير والشر الرجل والمرأة ثم امتداداً إلى الحيوانات حيث في كل زوج ذكر وأنثى.
ولأن الأمر كذلك فإن البحث في تطور الموقف من المرأة عند كل الشعوب هو أمر يدخل في دراسة الحياة نفسها، وإذا كانت السيادة الذكرية قد سادت حتى عصرنا الحالي فليس معنى ذلك أن المرأة لا تملك دوراً في التطور وفي الحياة فما دامت جزءاً من هذه الثنائية فلا بد أن يعنينا تطورها لأن عكازاً واحداً لا يمشي.
في الطبيعة كان القمر إلهاً يعبد من النساء خاصة حيث يسبب لهن الحيض في كل شهر وهو إلههن الحارس وأنه الذي ينزل المطر والثلج وتسبح الكائنات كلها بحمده وحتى الضفادع كانت تدعو للقمر لينزل إليها المطر...
بالمقابل كانت الشمس إلهاً يعبد بعد أن حلت الزراعة محل المجتمع الذي كان يعيش في بدايات الحياة الإنسانية على الصيد وحين في اليونان قال ( أنا لسجواراس ) أن الشمس ليست إلهاً بل كرة من النار نفي خارج أثينا.
الأقدمون اعتقدوا أن في الشمس والقمر كليهما وفي الأنجم أيضاً إله وروح ولم ينظروا إليها على أنها تجسد إلهة..
في المسيحية صارت السماء نفسها إلهاً عظيماً تجوب فيها أرواح هي الملائكة...
وقبل أن تسود العقائد السماوية التي تؤمن بالله، كان البدو في الصحراء يستعملون كلمة الله ويعنون بها السماء أي الإله العظيم الذي لا حدود لعظمته وامتداده.
في قبائل اللوباري و الدنكار كانت كلمة الله تعني المطر وفي الهند والصين تعني كلمة الله السماء الوالدة وعند اليونان هي السماء أو زيوس وعند الفرس السماء الزرقاء.
ثم مع تطور الزراعة صارت الأرض إلهاً وكل مظهر فيها احتوى إلهاً فالأشجار لها أرواح لذلك فإن قطع الشجر كان يحمل معنى القتل والحرام وفي أمريكا الشمالية كان الهند ويعتقدون أن هزيمتهم أمام الغزاة البيض سببها أن البيض قطعوا الأشجار التي كانت تحميهم من الحر.
وفي جزر ( مولقا ) لا يجيزون رفع الصوت أو إشعال النار قرب الأشجار في فترة الازهار لأنها تعطل نموها وتؤذي مشاعرها فتتوقف عن العطاء.
المرأة البدائية كانت تنسب الطفل لها ولم تكن تنتمي إلى زوج بل إلى أبيها ولم تكن معنية بالبحث عمن يكون والد الطفل...
كان الأخ أهم من الزوج فأنتا فيرينزا أنقذت أخاها لا زوجها من غضب دارا الفارسي وأنتجونا اليونانية ضحت بنفسها من أجل أخيها لا من أجل زوجها...
والفكرة بان زوجة الرجل أقرب إنسان في الدنيا إليه فكرة حديثة وفي أجزاء من الجنس البشري فقط.
كان التوريث يتم عن طريق الأم لا عن طريق الزوج والأنساب كانت عن طريق النساء.
لم يكن رئيس العشيرة في جزر بليو ينجز شيئاً هاماً بدون استشارة مجلس من عجائز النساء.
إن التفاوت الآن في قوة الرجل والمرأة لم يكن له وجود في المجتمع البدائي وهو نتيجة البنية وحدها أكثر مما هو من طبيعة الرجل والمرأة.
كان رئيس قبيلة ( تشبوا ) يقول خلق النساء للعمل فالواحدة منهن في وسعها أن تجر من الأثقال أو تحمل منها ما لا يستطيعه رجلان.
في الشرق الياباني كانوا يعتبرون الزلازل التي تدمر بيوتهم هي إلهة غاضبة من أفعالهم وفسادهم أو أنها إله الأرض الذي يتحرك في نومه.
في كل تلك المراحل من تطور مفهوم الآلهة كان الإنسان يربط بين المرأة والزراعة ومعظم الآلهة في الشرق كانت من النساء.
فالثنائية على الأرض أمتدت إلى اللاهوت وصار طبيعياً أن يتوزع الآلهة في إطار هذه الثنائية وصار للمرأة حصة من الإلوهية..
في بداية الحياة الإنسانية كانت مهمة الأخلاق هي فقط في تنظيم العلاقة الجنسية والعفة جاءت متأخرة حتى أن العذراء كانت تخشى ليس فقدان بكارتها بل أن يشاع عنها أنها عقيم...
في قبيلة ( كامشادال ) كان الرجل إذا وجد عروسه بكراً يسب أمها لأن إزالة البكارة كان محرماً فالنظام الأخلاقي يمنع أن يريق الشخص دم أحد أفراد قبيلته.
لذلك كانت أم العروس في قبائل ( ملبار ) ترجو الأغراب عن القبيلة من المارة أن يزيلوا بكارة ابنتها لتستطيع الزواج من القبيلة وإلا بقيت بدون زواج...
وحتى أن العريس نفسه كان يستأجر شخصاً غريباً ليفضّ له بكارة زوجته قبل الدخول بها وفي الفيليبين كان يوجد موظف حكومي خاص ليفضّ بكارات اللواتي يعتزمن الزواج.
البكارة في المرأة تطورت من خطيئة إلى فضيلة بسبب الملكية فحين أصبحت الأسرة أبوية صارت العروس تشتري بثمن أعلى إذا كانت بكراً لأن الرجال كانوا يخشون في حال عدم البكارة أن تنتقل أملاكهم إلى وريث قد لا يكون من دمهم.
طبعاً الرجل البكر لم يكن أمراً موجوداً في التقابل ولا كان حضوره مثالياً أو مطلوباً أو مهماً.
وبسبب الخوف على الملكية من أولاد السفاح صاروا في العربية والحبشة والنوبه يضعون الأقفال التي تمنع العملية الجنسية وهذه العادة موجودة حتى الآن في بورما واسيلان...
من هذا العرض نتبين أن الأخلاق المطلقة غير موجودة وهي نسبية ترتبط بالحياة الاجتماعية وتتبدل حسب حاجاتها ودائماً هي ضرورية ولا غنى عنها في أي مجتمع والموقف من المرأة يدخل في هذه النسبية.
الأخلاق هذه تقوم على مبدأ التحريم ما هو حلال هو الصحيح وما هو حرام هو الخطأ.
كانت المرأة أهم ما اتجه إليه التحريم في التاريخ البشري فآلاف الخرافات نشأت عن المرأة لتجعلها محرمة اللمس خطرة نجسة .
مؤلفوا الخرافات والأساطير على الغالب لم يكونوا أزواجاًً موفقين لأنهم متفقون لدى كل الشعوب على أساس أن المرأة هي أساس الشر كله!
أول التحريمات عن المرأة هو إبان حيضها وكل من لمسها فقد فضيلته وفي غيانا البريطانية منعت قبائل اماكوزي النساء من التحمم أثناء الحيض في الأنهار خوفاً من تسمم المياه.
بالمقابل كانت بعض التحريمات من صنع النساء أنفسهن وذلك للحصول على الراحة من العملية الجنسية ومن هذه التحريمات نشأت الرهبنة.
على هذا الأساس لم يكن الدين نفسه أساس الأخلاق السائدة في المجتمعات بل كان عوناً لها.
في اليونان مثلاً حرموا مضاجعة المحارم ولكنهم يمجدون الآلهة التي تفعل ذلك وفي الإلياذة والأوديسة أمثلة صارخة على مضاجعة المحارم.
في المسيحية ذهبوا إلى اصطناع الزوجة الواحدة مع أن الإنجيل نفسه لم يفرض ذلك وكان المجتمع يعيش على تعدد الزوجات...
وكما نرى فإن العوامل الأرضية هي التي تسود والأديان كلها منذ بدء الخليقة كانت تحافظ على القيم الموجودة أكثر بكثير من القيم الجديدة التي أضافتها إلى الحياة.
وكما يبدو فإن المعرفة كانت تصطدم باللاهوت ومن هذا نشأت الصراعات بين العلم والدين.
كان كونفوشيوس يقول إن ازدياد الازدهار في الدولة يودي إلى التشكك بالإلهة في حين أن البؤس والفقر يقود الناس إلى التعبد.
وحتى المظاهر النسوية السائدة اليوم لم تكن موجودة في غابر الزمن فالرجال في بابل كان يضعون الشعر المستعار على رؤوسهم كالنساء وكلاهما كانا يتعطران.
ومن أخلاق البابليين أن لكل امرأة بابلية الحق لمرة واحدة في حياتها أن تجلس في هيكل الزهرة وأن تضاجع رجلاً غريباً.
وكانت النساء في الهيكل يجلسن وينتظرن الغرباء الذين يختارون إحداهن ويلقون إليها بقطعة من الفضة ثم يأخذها خارج المعبد ويضاجعها وليس من حقها أن ترفضه وتكون قد أدت واجباً تجاه الآلهة وتعود إلى بيتها وبعد ذلك مهما بذلت لها من المال لم يكن في وسعك أن تنالها لأن ذلك صار حراماً.
زواج المتعة الذي تقره بعض المذاهب اليوم هو امتداد لما كان موجوداً بين الرافدين في بابل فالقانون الأخلاقي كان يسمح للرجال بزيجات تجريبية تنتهي متى شاء أحد الطرفين أن ينهيه.
نظام المهر كان أيضاً بابلياً فمن العادات أن يقدم والد الزوج إلى والد العروس هدية...
ومفهوم العلاقات الجنسية الحرة قبل الزواج والتي تسود في أوربا والولايات المتحدة وكل العالم الحديث هي امتداد لما كان موجوداً في بابل ولكن بعد الزواج يجب أن يسود الوفاء والمرأة الزانية يتم إغراقها في النهر مع من زنت معه.
من هنا جاء مفهوم الشرف في المدنيات الحديثة وأنتقل من العلاقة الجنسية التي صارت رغبة يمارسها الطرفان بحرية قبل الزواج ولكن بعد الزواج يصبح الزاني من الطرفين غير شريف ليس لأنه مارس الجنس مع غير زوجه بل لأنه خالف عقد الزواج فأصبح غير شريف لإخلاله بوعد خطي بأن يكون لواحدة أو أن تكون لواحد.
في بابل كان بوسع الرجل أن يطلق زوجته ويعيد إليها بائنتها ويقول لها لست زوجتي أي طالق.
ولكن بالمقابل إذا قالت الزوجة لزوجها لست زوجي وجب قتلها وإغراقها في النهر لأن الزوجة لا تملك حق الطلاق.
وكان في بابل من العادات أن الرجل إذا غاب عن زوجته في حرب أو ابتعد ولم يترك لها مورداً فلها أن تعيش مع رجل آخر فإذا عاد زوجها يمكنها اختيار أن تعود إليه.
وحتى نظام الحجاب السائد اليوم كان موجوداً في المجتمع البابلي في الطبقات الراقية حيث لا تخرج المرأة إلا بصحبة أحد الخدام وللنساء جناح خاص في المنزل.
وتطور الأمر في الدولة الأشورية بعد ذلك فلم يسمح القانون الأخلاقي للمرأة أن تخرج إلى الطريق العام بدون حجاب.
أما الفراعنة فوضع المرأة في مجتمعهم كان يقوم على الشك والحذر منهن.
فبتاح حوتب كان ينصح ولده:( حيثما ذهبت فاحذر الاتصال بالنساء، وإذا شئت أن تكون حكيما،ً فمون بيتك، وأحب زوجك التي بين ذراعيك).
ومن الأشعار الفرعونية في الدولة الوسطى:
لمن أتحدث اليوم؟ الإخوة أشرار وأصدقاء اليوم
ليسوا أصدقاء حب القلوب قلوب لصوص وكل رجل
يغتصب ما عند جاره من نساء
من أساطير الفراعنة أن إيزيس الأم العظمى التي كانت أخت أو وزير وزوجته الوفية كانت أجل قدراً منه لأنها قهرت الموت بالحب.
كانت للمرأة في العصر الفرعوني الزعامة فهي التي تحرث الأرض وهي التي عثرت على القمح والشعير حين كان ينموان نمواً برياً في أرض مصر.
وإيزس كانت تعبد على أنها (أم الإله) وتمثلها الرسوم الفرعونية بامرأة ترضع طفلاً وهو الذي ولدت به في معجزة تماماً كوالدة الإله في المسيحية... وبقي المسيحيون في مصر طويلاً يتعبدون أمام تمثال اوزيس باعتبارها أم الإله رغم انتشار المسيحية في مصر.
أما اليهود فقد اتخذوا الدين قاعدة لسياسة الأمم وأداة لتنظيم كل كبيرة وصغيرة فكانت اليهودية ديناً ودولة وتأثر الإسلام السياسي بها كثيراً فسليمان الملك قتل جميع منافسيه في الملك لكي يستريح من متاعبهم ومع ذلك فإن عمله لم يغضب الإله اليهودي ( يهوه) الذي أحب سليمان ومنحه الحكمة.
المرأة لدى اليهود كانت الأداة التي تتخذها الحية أو الشيطان وسيلة للإيقاع بالإنسان في الشر.
كان في وسع الرجل أن يبيع أبنته وان يزوجها من يشاء وكانوا يعتقدون أن الأولاد نتاج الخصية اليمنى والبنات من نتاج الخصية اليسرى لذلك تكون أضعف.
في الأدبيات اليهودية كانوا يبحثون عن المرأة الفاضلة كما الكنز ويرون الحصول عليها صعباً (امرأة فاضلة من يجدها، لأن ثمنها يفوق لألئ، بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها تطلب صوفاً وكتاناً وتشتغل بيدين راضيتين وهي كسفن التاجر تجلب طعامها من بعيد...)
كان الزنا عند اليهود منتشراً واللواط لم ينقطع ولم يكن القانون الأخلاقي يحرم الاتصال بالعاهرات الأجنبيات.
كان الزواج يتم بالشراء وكان تعدد الزوجات مسموحاً إذا كان الرجل ثرياً أو كانت الزوجة عاقراً وسمحت له أن يتخذ له خليلة كما في قصة سارة في التوراة.
إما في إفريقيا الزنجية فكان الزنوج يعدون المرأة جميلة إذا لم تكن نحيلة عند خصرها وكانت السمنة والجمال مترادفين في نيجيريا فالمرأة الجميلة هي التي لا بد لها من عبدين تتعكز عليهما حتى تسير...!
والجمال الكامل تبلغه المرأة إن ساوت بنفسها حمل الجمل،
يقول بريغو ( إن معظم الهمج يؤثرون ما نظنه نحن من أقبح ما تتصف به المرأة، وهو الأثداء الطويلة المتدلية...)
ويرى أند روسميث ( أن نساء الهنتوب كانت المرأة من ربات الجمال إذا كانت من الضخامة في أردافها بحيث إذا ما أجلسوها على أرض منبسطة استحال عليها الوقوف إلا إذا زحفت زحفاً...)
وفي الصومال يختارون من بين النساء أكثرهن بروزاً في العجز وليس ما هو أقبح في نظر الزنجي من المرأة النحيلة...)
وكان الرجال يصبغون وجهوهم ليجذبوا النساء وليخيفوا الأعداء أحياناً ودائماً يحملون صبغة حمراء أو صفراء أو بيضاء معهم ثم انتقل التزين والصباغ إلى النساء في مرحلة متأخرة.
أما الفرس ... فكان قورش الفارسي ( إن الدين أقوى من الدولة لذلك لم ينهب المعابد ولا تعرض للحرية الدينية وأحبه الناس لأنه حافظ على هياكلهم.)
واليوم هناك مفكرون في العالم يعتقدون أن الحاكم الواعي يمكنه أن يحقق الاستقرار في دولته عن طريق رجال الدين بنفقات تقل عن نفقات أي جهاز للشرطة.
المرأة عند الفرس كانت تفرض عليها العزلة ولا تخرج النساء الثريات إلا في الهودج ولا يحق لهن رؤية الرجال ولو كانوا من أقرب الناس وكان رسم النساء في النقوش محرماً.
كان الناس يدعون الله أن لا يرزقهم بنات وحتى الملائكة لا تحسبن البنات من النعم التي أنعم بها على بني الإنسان.
وربما أن التشدد الديني اليوم في فارس هو وليد هذا التاريخ الذي كان بلا شك ينظر إلى المرأة كشيء محرم ومكروه وتستحق العزلة وتكون مهمتها الإنجاب فقط...!
أما بوذا ... فكان شيئاً آخر...
ولد بوذا عام 563 ق.م وحين ولد ظهر في السماء ضوء لامع وأقبل الملوك من ثائر البلاد يرحبون بمقدمه وصار الأصم يسمع والأبكم ينطق واستقام الأعرج وانحنت الآلهة من علياء سمائها لتمد له يد المعونة...
وهذه القصة شبيهة بولادة المسيح في بيت لحم وظهور النجم في الشرق ومجيء الحكام والملوك لرؤيته.
بوذا هذا أنطلق في تعاليمه من رفض الحقائق الروحية حيث يرى أن المادة هي الحقيقة التي لا حقيقة سواها والعقل مادة تفكر والجسم لا الروح هو الذي يشعر ويرى ويسمع.
وكان يرى أن وجود الله لا ينفع شيئاً في شرح العالم والدين كله سفسطة وإذا اعتقد الناس بضرورة الدين فما ذلك إلا أنهم تعودوه وحينما تنمو معارفهم يهدمون العقيدة الدينية.
لذلك كان موقفه من النساء هو الحذر وحين سأله أحد أتباعه عن النساء قال كما لو لم تكن قد رأيتهن...
قال التلميذ: وماذا لو تحتم علينا رؤيتهن ؟ قال لا تتحدث إليهن.
قال التلميذ: وإذا تحدثن إلينا.
قال بوذا : كن منهن على حذر.
هذا الموقف من النساء، قريب جداً من تعاليم الإمام علي الذي قال في نهج البلاغة.
( إن النساء نواقص الإيمان ونواقص العقول ونواقص الحظوظ فأما نقص إيمانهم فقعودهن عن الصلاة والصيام مدة حيضهن وأما نقص حظوظهن فمواريثهن على النصف من مواريث الرجال وأما نقص عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد فاتقوا أشرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ولا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر.)
كان الزواج في المجتمع البوذي يتم باغتصاب العروس من أهلها أو بشرائها أو بالاتفاق المتبادل...
كان تعدد الزوجات سائداً ومن الفخر للرجل أن يعيل عدة زوجات وبالمقابل كان هناك تعدد أزواج وقصة (دور باري) تروي أنها تزوجت خمسة أخوة دفعة واحدة وهذه العادة بقيت سائدة في سيلان حتى عام 1859 حيث منعها الانكليز.
ولكن في التيبت كانوا يعتبرون أن المرأة إذا درست الدين سيحدث اضطراب في المملكة لذلك منعوها من معرفة الدين ودراسته...
قليلاً ما كانت المرأة تتزوج بعد موت زوجها ثم نشأ بعد ذلك نظام البردة أي عزل المرأة ثم عادة دفن المرأة مع زوجها المتوفى وتحولت المرأة إلى رقيق.
من كل هذا العرض التاريخي لموقف المجتمع من المرأة نلاحظ أن تأثير الملكية على المرأة كان أساسياً بحيث أصبح الزواج صورة من صور الملكية ومن التنظيم الاجتماعي الذي يدير شؤون العبيد.
وحتى تعدد الزوجات كان يلاءم الحاجة الاقتصادية لتحسين النسل وكما هو واضح اليوم فإنه كلما تطور الإنسان خف تعدد الزوجات وصار نظام الزوجة الواحدة والإرث للزوجة الواحدة هو السائد.
وصار الحب أساساً في العلاقة الزوجية وظهر هذا الحب في الحياة المدنية التي أقامت سدوداً أمام الشهوة واستبدالها بالحب.
كان الهمجي يقوم بالعملية الجنسية بروح فلسفية لا تزيد عن الحيوان وكان الجنس امرأ طبيعياً كالطعام ولكن مع المدنية تبدلت الروح الفلسفية هذه إلى الحب.
ومن هذا العرض لتاريخ المرأة في مختلف المجتمعات ولدى كل الشعوب نكتشف ضرورتها الطبيعية في الحياة البشرية كجزء من التكوين ومن الثنائية المدهشة التي قام عليها الكون بحيث أن حذفها أو تهميش دورها أو نسبة الشر أليها لا يستقيم مع دورة الطبيعة ولا يكون خيراً أبداً .
الذين نظروا إلى المرأة كوعاء لإنتاج الأولاد
والذين نسبوا إليها الشر وكأنها مصدر وحيد له
والذين حرموها الإرث لأنها نفسها مملوكة للرجل ملكيته للأنعام والأرض.
والذين وجدوها عاراً فقاموا بوئدها خوفاً من عارها
والذين استقبلوها بترحاب مزيف لأنهم يفضلون عليها ولادة الذكر
والذين حرموها من حق معرفة الدين خوفاً من تسرب أسراره إلى الغير عبر ضعفها.
والذين اعتبروها ناقصة عقل ودين.
والذين فرضوا عليها الزنا في هياكلهم المقدسة كواجب تمارسه مرة واحدة في حياتها لإشباع رغبات الكهنة الفجار والذين عاملوها بحذر ونسبوا إليها الشر حتى تستقيم فضيلتها والذين اعتبروا فرجها مدار الشر دون كل قيم الأخلاق الأخرى.
والذين اعتبروا من الدين والطبيعة سيادة الرجل عليها وحرموها من الحرية وعاملوها كرقيق والذين حرموها العلم لأن تعلمها مدار الفسق والفجور والذين تعاملوا مع جمالها كما يتعاملون في الشراء مع إبلهم وأغنامهم وأرادوها سمينة توزن الأرطال.
والذين فرضوا عليها الزنا قبل الزواج خوفاً من دم بكارتها والذين فرضوا عليها الموت دفنا مع زوجها الميت لأنها لا تستحق الحياة بعده.
والذين حرموها أن تطلق زوجها وعاقبوها بالقتل إن قالت له لست زوجي.
كل هؤلاء اعتدوا على الطبيعة الإنسانية وعلة ثنائية الكون وعبروا عن الهمجية.
وكل هؤلاء لم يكتفوا بذلك بل أخذوا منها النسب فصار أولادها من نسب سواها.
وكل هؤلاء أخذوا حق الإلوهية من المرأة الأم إلهة الأرض إلى إلهتهم الذكرية فصار الإله الذكر هو مدار الأديان وصارت الأسرة الأبوية مدار العائلة.
الإله الذكر هو نتاج العدوان على ثنائية الكون والأسرة الأبوية هي نتاج هذا القهر الذي مارسه الرجل لإنتاج الطبيعة التي لم تفرق.
اليوم ومع تطور المعرفة وبعد أن عرف الإنسان الحديث كل شيء عن الإنسان جسداً وروحاً وعن دور المرأة في الإنجاب وتربية الأطفال والعمل في الأرض يصبح تاريخ الخوف والظلم الذي رافق حياة المرأة من الماضي الذي يجب تجاوزه.
لا بد لكي تستقيم الحياة البشرية من احترام الطبيعة واحترام الثنائية التي قامت عليها وبالتالي لا بد من تقدم المساواة بين الرجل والمرأة على كل فكر ظالم وهجين وغير معقول ساد في ماضي الحياة الإنسانية.
إعادة النظر في دور المرأة ككائن حي وفاعل وضروري يعني العودة إلى الطبيعة لا القفز على ثوابتها.
لقد انتهى زمن الخرافات والأساطير وصار الكون كله تحت سيطرة العقل البشري ولم يعد هناك أحجيات ولا أكاذيب يمكن للرجال أن يحذفوا بواسطتها دور المرأة وحضورها الطبيعي.
إن خير ما نفعله هو أن نعيد النظر في وضع المرأة بحيث تسترد حقها الطبيعي الذي منحها إياه الخالق لا استغلال الخالق نفسه عبر الأديان والمذاهب لوضعها في الأسر دينياً أو طائفياً أو طبقياً متسلطاً.
لترتفع كل الحجب عن المرأة وكل السدود وكل الاتهامات ولتعامل ككائن حي يملك عقلاً لكي تمارس دورها مع الرجل في بناء الحياة البشرية..
بدون إعادة النظر في الموقف من المرأة ستظل مدار الشر ويستمر تجهيلها والعدوان على حريتها فتنتج بشراً من العبيد الخائفين من آبائهم وآلهتهم وأديانهم.
إن تعطيل قدرات نصف المجتمع عن العمل وتجهيله واحتقاره لم يعد يتوافق مع التطور الإنساني الهائل الذي لا يفرق ولا يميز ولا يقهر بل يدعو إلى المساواة والتآخي بحيث يمارس كل كائن دوره ويعطي الحياة الإنسانية بمقدار ما يملك من المعارف والقدرات.
آن لمجتمع الرجل الذكر السيد المسيطر أن يرحل إلى الطبيعة وحقائقها الثابتة التي لا يمكن للأساطير أن تكذبها..
الانتقال من مجتمع الاستبداد الذكري إلى مجتمع الشراكة الطبيعي ليس ثورة على أحد بل عودة إلى ثنائية الطبيعة التي تشرق دون تفرقة بين الرجل والمرأة.
إن الوعي والمعرفة كفيلان بترتيب هذا الانتقال الضروري لأن كل ما لحق المرأة من مظالم عبر التاريخ إنما هو وليد التسلط والاستبداد والخرافات التي وفرت لها الأديان مساحات غير معقولة للتحرك ضد المرأة.
الخروج من النفق إلى رحاب الطبيعة والتطور هو خروج لا يستثني المرأة بل يدعو لمشاركتها وكل زعم آخر يعني أن صناعة الحياة ملك للرجال وحدهم وهذا ينافي الطبيعة ويعتدي على إرادة الخلق والتكوين.
فهل نحن مستعدون لخطوة في هذا الاتجاه وهل سيتوفر العقلاء الذين يقبلون بهذا الانتقال..؟ هذا هو السؤال ... ورحم الله الشاعر الذي قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
8/12/2004
 

Articles

Copyright © 2012 Hachwa
Last modified: 03/19/13 
Hit Counter