المركز العربي للتحليل السياسي - رئيس المركز المحامي ادوار حشوة

The Arabic Center for Political Analysis - President Adwar Hachwa Attorney in Law

 Home   The Author   Books      Articles       Forum     News  Literary Articles   Syrian Pictures     Content     Contact us

     الاتصال       دليل الموقع          صورسورية         مقالات ادبية            اخبار      اعلن رأيك      مقالات            كتب        الكاتب   الصفحة الأولى

 

 

 

 

 

 

أكرم الحوراني .. للتاريخ

ادوار حشوة

قرأت مقال د. كمال الطويل عن المرحوم أكرم الحوراني القائد التاريخي لحركة الاشتراكيين العرب .

وقد تضمن المقال نقدا تجاوز الضرورة ومعلومات غير صحيحة وتهجماً لا ينسجم مع روح الحوار .

لذلك ومن معرفتي الشخصية بالأستاذ الحوراني ومن مواقعي السابقة والحالية في الحركة أستطيع بالحوار الهادئ أن أصحح ما ورد في المقال المذكور .

حول مسؤولية أكرم الحوراني عن الحساسيات بين مدينة حماه والريف العلوي :

يقول الدكتور الطويل ( حارب الاقطاع في محيطه بضراوة وحق فتسبب بحساسيات فاضت عن المعقول بين مدينته السنية وريفها العلوي الغالبية  )

فأما أنه حارب الاقطاع فهذا صحيح ولكن ليس في حدود مدينته بل في كل سورية وهزمه .

وأما أنه تسبب في حساسيات بين مدينة حماه السنية وريفها العلوي فهذا غير صحيح أبدا .

فالحوراني كان من أوائل الاصلاحيين الذين يريدون تحويل المواطن من تابع ديني أو طائفي أو عنصري إلى تابع وطني .

وعلى العكس مما يقول الدكتور الطويل فإن محافظة حماه في ظل قيادة الحركة من حزب الشباب إلى العربي الاشتراكي لم تعرف وحدة وطنية بين الريف بمختلف أطيافه والمدينة

 لا أكبر ولا أعظم , فزالت مشاعر العداء السنية ضد العلويين وخرج العلويون من العزلة وتاريخ الخوف إلى رحاب وطنهم مندمجين  في المشروع الوطني الذي يأخذ من الماضي الوحشي الدروس ولا يعيش على أخطائه .

الحساسية التي نعاني منها هي لأسباب أخرى لا علاقة للحوراني بها ولا هو ولا رفاقه في وارد الموافقة عليها أو تبريرها ومسؤوليتها على الذين فهموا ان السلطة أهم من الوحدة الوطنية.

2 ـ حول دور الحوراني في الانقلابات العسكرية 

بعد ان ذهب الحوراني ورفاقه إلى فلسطين مجاهدين تبين له ان النصر على الصهاينة يحتاج لأمرين الاول هو بناء حكم قوي بجيش قوي وعلى مكافحة الفقر والتخلف وعبودية الانسان .

أ ـ في سورية كان الحكم بيد أقلية وطنية تنتسب للإقطاع والرأسمال لا تريد جيشاً قوياً وتضع العراقيل أمام التطور باتجاه العدالة الاجتماعية فكان الحوراني معارضاً وحيداً في مجلس نيابي مسيطر عليه وكبرلماني نجح في استقطاب الشارع والمثقفين الثورين حوله .

في المجلس النيابي عارض الحوراني إقرار اتفاقية سورية مع بنك باريس لتحرير النقد السوري لفرنسا واتفاقية شركة التابلين لمرور أنابيب النفط إلى لبنان عبر سورية بقانون واحد ووافق على تحرير النقد من التبعية لفرنسا ولكن  طلب بحث اتفاقية التابلين ومناقشتها بصورة مستقلة لكن القوتلي أصر على دمجهما معاً .

في تلك الفترة عام 1949 كان قائد الجيش حسني الزعيم الذي عينه القوتلي بعد أن أقسم له يمين الولاء بكفالة محسن البرازي قد تحول ضده وصار مشروع لإقالته على الطاولة .

الأمريكيون الذين يريدون بسرعة مرور أنابيب التابلين دخلوا على الخط وهم الذين أوحوا لقائد الجيش بالانقلاب العسكري ورفعوا له شعارات بناء حكم قوي لتحرير فلسطين والخلاص من الطغمة الاقطاعية الحاكمة .

كان طبيعياً أن تجد المعارضة السياسية ضرورة دور لها فاجتمع الحوراني والزعيم لأيام تبين بعدها أن الهدف من الانقلاب هو توقيع اتفاقية التابلين أولاً وإلغاء الحياة البرلمانية فاختلفا وذهب الحوراني للمعارضة وفعلاً قام حسني الزعيم فوراً بتوقيع اتفاقية التابلين وأعاد مستعمرة مشمار هاردن لليهود ليطمئنهم وسلم انطوان سعادة إلى لبنان ليقتل ليطمئن اللبنانيون والفرنسيون .

فالحوراني لم يكن وراء انقلاب حسني الزعيم في 30/3/1949 بل كانت وراءه المخابرات الأمريكية وثبت ذلك من وثائقها التي أفرج عنها فيما بعد .

ب ـ أما انقلاب سامي الحناوي على حسني الزعيم فقد تم من قبل حزب الشعب الذي كان يوالي العراق ويريد توحيد سورية مع العراق شكلاً ولكن في الحقيقة كان يريد إعادة الحياة البرلمانية وتأمين أكثرية تأتي بالوصي على عرش العراق عبد الإله ملكاً على سورية وتحت النفوذ البريطاني .

أيد الحوراني الانقلاب لأنه أراد إعادة الحياة لبرلمانية وعارضه بشراسة لتنصيب عبد الإله ملكاً أي أنه كان ضد النفوذ البريطاني القادم .

جـ ـ أما انقلاب أديب الشيشكلي على الحناوي فتم بتأييد بعض الضباط الاشتراكيين تحت شعار المحافظة على النظام الجمهوري ودون قرارمن الحزب 0.

وحين تبين للحوراني أن الشيشكلي وبضغط من السعودية لا يريد إعادة الحياة البرلمانية ويطمح إلى إقامة حكم ديكتاتوري رئاسي يلغي دور الأحزاب ذهب إلى معارضته ودعا إلى مؤتمر سياسي تم عقده في حمص برئاسة هاشم الأتاسي وفي بيته وحصل على الإجماع على إسقاط الشيشكلي وإعادة الحياة البرلمانية .

د  -وفي شباط 1953        ومن حلب تمرد مصطفى حمدون مدعوماً بفيصل الأتاسي قائد الجبهة الشرقية واسقط نظام الشيشكلي .

في تلك الفترة جاء مصطفى حمدون وطلب من الحوراني أن يستولي الحزب على السلطة منفرداً بعد أن أيدت كل قطعات الجيش الانقلاب فرفض الحوراني ودعاه إلى تنفيذ مقررات مؤتمر حمص وإعادة الحياة البرلمانية فلما سأله عن السبب مستغرباً قال له الحوراني ( لأنني أعرف ما وراء هذا الخاكي  ) .

لذلك فإن سبب انقلاب مصطفى حمدون كان وراء نجاحه والتخطيط له جميع السياسين من كل أحزاب الساحة لإعادة الحياة البرلمانية ولم يكن  الحوراني إلا واحداً منهم 0.

انقلاب مصطفى حمدون سلم السلطة للمدنيين فكان أول عسكري يفعل ذلك وكان الثاني هو سوار الذهب في السودان .

لذلك فإن اتهامه بأنه كان وحده وراء هذا الانقلاب مع أنه استند إلى مشاركة جميع أحزاب الساحة ومع أنه لم يستثمره لصالحه وأعاد الحياة الديمقراطية راضياً بالانتخابات التي عززت موقعه الشعبي بـ 17 نائباً فقط في حين أنه كان بإمكانه أن يستولي على كل السلطة .

هـ ـ أما انقلاب الوحدة عام 1958 فقد تم حين توزع الجيش إلى كتل هي : كتلة الاشتراكيين وكتلة دمشق وكتلة المستقلين وكتلة الإخوان المسلمين وكتلة القوميين السوريين وكتلة الشيوعيين.

في هذه الكتل كان الحوراني يتمتع بتأييد كتلته وتأييد كتلة دمشق التي كان من أبرزها المالكي .

تصارعت هذه الكتل فيما بينها , وحين وجدت المد الشعبي نحو مصر يتصاعد سلموا البلد إلى عبد الناصر ليتفادوا القتال فيما بينهم أولا .

والسلطة السياسية فوجئت بالأمر وذهب صلاح البيطار محملاً بمشروع اتحادي لا وحدة غير مدروسة فوجد أن الانقلابين قد نجحوا  في إبرام  صفقة الوحدةو تعهد الإنقلابيون فيها بحل الأحزاب وإلغاء البرلمان .

لم يكن بإمكان الحوراني الوقوف بوجه المد الوحدوي بل ذهب معه مؤملاً الإصلاح من الداخل ولكن وجد أن الأمر لا يعدو غير امتداد النظام البوليسي المصري إلى سورية فاستقال مع رفاقه البعثيين .

أما المخابرات الأمريكية فقد ارتاحت لأن نظام الوحدة منع في رأيها تحويل سورية إلى أول دولة شيوعية في المنطقة .

و ـ أما انقلاب الانفصال فقد تم لأن كل القوى السياسية من حزب البعث الاشتراكي الموحد إلى الشيوعيين إلى اليمين الرأسمالي الدمشقي صارت ضد نظام عبد الناصر البوليسي  .

وحين احتدم الصراع بين المخابرات المصرية التي يقودها المشير عامر ومخابرات السراج السورية صارت البلد جاهزة لتقبل الانفصال الذي كان وراءه يمين دمشق الرأسمالي بمعونة أردنية وموافقات إقليمية ودولية .

أذكر انه صبيحة الانفصال جاء إلى بيتي في حمص باكراً سهيل الغزي ومحمد رباح الطويل الذي كان رئيس أركان معسكر الضبعة وبعض الرفاق الذين يخدمون العلم متسائلين عن الموقف أوفدنا الأستاذ سهيل إلى أكرم إلى أجاب بما يلي( لا علاقة لنا بهذا الانقلاب وموقفنا هو الحياد التام وتخبئة الأوراق وقد نبدأ مع هؤلاء الرجعين  من نقطة الصفر ) .

قادة الانقلاب دعوا قادة البلاد إلى اجتماع في نادي الضباط للبحث في المستقبل وكان الوحيد المدعو للاجتماع أكرم الحوراني الذي أصر على دعوة صلاح البيطار فدعي إلى الاجتماع .

طلب الحوراني إعادة الحياة الديمقراطية كشرط مع ترك الباب مفتوحاً أمام عودة الوحدة أو الاتحاد بشروط جديدة فحصل من الاجتماع على الموافقة على إعادة الحياة الديمقراطية وأوكل المجتمعون إلى صلاح البيطار كتابة الاتفاق فكتبه بخط يده ثم بعد صدوره وتوقيعه من الجميع ومن صلاح البيطار قام المذكور بسحب تعهده .

وجرت الانتخابات فتصاعدت نسبة النواب من البعث العربي الاشتراكي إلى ما يقارب الثلاثين وسقط البيطار في دمشق رغم الدعم الكبير له من أكرم لأن يمين دمشق طلب من الحوراني أن لا يخوض انتخابات حماة بقائمة كاملة لكي ينجح عبد الرحمن العظم وللتاريخ كان الحوراني يريد قائمة فيها مقعد فارغ لكي ينجح رئيف الملقي ويتفادى هجمة اليمين الدمشقي على صلاح البيطار ولكن القاعدة الحزبية في حماه رفضت ذلك .

لذلك فإن تحميل الحوراني مسؤولية الانفصال غير صحيحة لأن الذي قام بالانفصال هو الجيش في وقت  كان ضباط الحزب قد سرحوا أثناء الوحدة .

أما تأييد الحوراني للحكم كحالة واقعية مقابل شرط إعادة الحياة البرلمانية فكان عملاً سياسيا نجح بكل مقاييس السياسة .

من كل هذا العرض يتبين أن تدخل الجيش في السياسة كان وضعاً فريداً وكانت كل أحزاب الساحة تتدخل فيه من شيوعيين وبعثيين ومستقليين ومن يمين دمشق ومن القومين السوريين  .

وكان الحوراني أحد اللاعبين الأكثر نفوذاً ولكنه كان يعتبر أن الجيش قوة وطنية تدعم التقدم لا فوق الشعب ولا بديلاً عنه .

3 ـ حول دور الحوراني في انشقاق البعث العربي الاشتراكي

عام 1962 وفي نيسان تحديداً وفي بيت الدكتور أحمد بدر الدين بدمشق تم عقد أول اجتماع لقيادات الحزب وحضر الاجتماع  أكرم الحوراني وصلاح البيطار وميشيل عفلق وجمال الاتاسي وعبد البر عيون السود ووهيب غانم وعبد الحليم قدور وخليل كلاس ومصطفى حمدون وعبد الغني قنوت ورياض المالكي وخالد الحكيم وعبد الكريم زهور وعبد الله عبد الدايم وبشير صادق وعدنان حمدون وعبد الفتاح الزلط ونايف جربوع ومصلح سالم وعلي تلجبيني و ميشيل غنوم وحافظ الجمالي وتوفيق باسيل وحسام حيزة وعلي عدي وغيرهم .. وكنت في هذا الاجتماع أميناً للسر واسجل أقوال جميع الرفاق .

أذكر أنه في هذا الاجتماع الذي خصص لإعادة تنظيم الحزب بعد حله أثناء الوحدة وفي هذا الاجتماع نشأ الخلاف حول شعار المرحلة .

الحوراني كان يقول أن شعار المرحلة هو إعادة بناء الحركة الشعبية وإعادة تنظيم الحزب .

ميشيل عفلق كان يقول إن الشعار هو إسقاط الحكم الانفصالي و إعادة الوحدة  .

الحوراني سأل عفلق هل تريد إعادة التجربة مع عبد الناصر .؟

قال عفلق نسقط الحكم الانفصالي ونطالب عبد الناصر بالديمقراطية فإذا رفضها كان هو الانفصالي لأن عندنا مد وحدوي صاعد في العراق .

البيطار قال : كل محاولة لإعادة تنظيم الحزب تهدد بقسمته لأنه قد يفهم من ذلك أننا أنسحبنا من الوحدة التي دخلناها على أساس حله وأيد عفلق .

انفجر الخلاف وسادت الفوضى وانسحب البعض فتم تشكيل قيادة قطرية مؤقتة برئاسة رياض المالكي .

لذلك فإن انشقاق الحزب لم يكن بسبب خلاف شخصي وتبين في اليوم الثاني أن عفلق والبيطار لا يريدان إعادة تنظيم الحزب لعلمهما بوجود حركة عسكرية هي حركة حلب التي أعلنت عودة الجمهورية العربية المتحدة ثم فشلت .

 

4 ـ حول خلاف الحوراني مع العسكريين

حاول العسكريون البعثيون من الذين عادوا من مصر وشكلوا لجنة عسكرية منهم للعمل على اسقاط حكم الانفصال وعقدوا تحالفاً مع الناصريين ولكن الحوراني رفض الأمر ودعاهم إلى التمسك بالحياة الديمقراطية وأكد لهم قدرت الشارع على هزيمة الانفصال ممكنة دون انقلاب .

كان أبرز المتحمسين للانقلاب محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد وعبد الكريم الجندي ومعهم ضباط صغار .

عرض اللواء زياد الحريري وكان الأعلى رتبة وقائد الجبهة الانقلاب على الحوراني فرفضه وأكد على ضرورة بقاء الحياة الديمقراطية فذهب وتعاون مع البعثيين والناصريين الذين أكلوه في أول فرصة .

5 ـ الحوراني وانقلاب الثامن من أذار

استولى العسكريون من البعث والناصريين على السلطة ثم انقسموا إلى جناحين أحدهما يريد إعادة الوحدة فوراً بدون شروط والأخر البعث يريد وحدة مشروطة ثم اقتتلا حتى تموز 1963 حيث انفرد البعث بالجيش الذي صار جيش البعث أما الوحدة فقد فشلت في مباحثات القاهرة لأن عبد الناصر رفض الديمقراطية فاستمر الانفصال ولكن ركابه تبدلوا والمدهش أن ما اشترطوه على عبد الناصر من الديمقراطية لم يطبقوها على حكمهم .

في داخل سورية اعتقل الحوراني واتهم بالانفصال في حين أن العسكريين الذين قاموا به ظلوا في بيوتهم آمنيين فلجأ إلى لبنان وفرنسا والعراق ثم ذهب إلى الأردن حيث شقيقته زوجة محسن الشيشكلي هناك ليكون قريباً من سورية وهناك توفي ولم يسمح لجثمانه بالعودة إلى حماه .

لهذه الأسباب فإن ما أورده الدكتور الطويل يتناقض مع هذه الوقائع وأنا أقبله محاوراً واحترم رأيه وأدعوه أن يكون أكثر دقة في التحليل والمسألة الأن ليست خلافاً على شخص ودوره بل على الوطن الذي يهدده خطر خارجي محتمل .

17-12-2007

* كلنا شركاء (( الأستاذ حشوة هو الأمين العام المساعد لحركة الاشتراكيين العرب حاليا )) .

 

 

 

Articles

Copyright © 2012 Hachwa
Last modified: 03/19/13 
Hit Counter