المركز العربي للتحليل السياسي - رئيس المركز المحامي ادوار حشوة

The Arabic Center for Political Analysis - President Adwar Hachwa Attorney in Law

 Home   The Author   Books      Articles       Forum     News  Literary Articles   Syrian Pictures     Content     Contact us

     الاتصال       دليل الموقع          صورسورية         مقالات ادبية            اخبار      اعلن رأيك      مقالات            كتب        الكاتب   الصفحة الأولى

 

 

 

 

 

 

من التاريخ ... معركة ميسلون

ـ ادوار حشوة

 

قبل معركة ميسلون جاء إلى بيروت نوري السعيد مبعوثاً من الملك فيصل وقابل الجنرال غورو وبحث معه موضوع سفر الملك إلى فرنسا لحضور مؤتمر السلام .

الجنرال غورو أبلغ نوري السعيد أنه لن يسمح له بالسفر إلا إذا قبل المطالب الفرنسية وإذا سافر دون أن ينفذ ففرنسا لن تتفاوض معه .

هذه المطالب هي :

1 ـ وضع سكة حديد رياق ـ حلب تحت تصرف الجيش الفرنسي .

2 ـ قبول الانتداب

3 ـ إلغاء التجنيد الإجباري وتسريح المجندين

4 ـ قبول الأوراق النقدية التي أصدرها البنك السوري

5 ـ معاقبة المجرمين الذين استرسلوا في معاداة فرنسا

هذا الإنذار الفرنسي كان في 11 تموز 1920 وانتشر خبره بعد عودة نوري السعيد إلى دمشق .

جمع الجيش العربي قواته في محور مجدل عنجر بينما احتل الجيش الفرنسي المعلقة ورياق .

اجتمعت الحكومة برئاسة الملك مساء 11 / 7 / 1920 ثم أرسلت لغورو الرد التالي ( نقل إلىّ اللواء نوري السعيد ما دار بينكم وبينه من حديث بشأن الإنذار الذي ستوجهونه بواسطة الكولونيل كوس ولم يصل حتى الآن ، إن احتلال سكة حديد رياق الواقعة ضمن المنطقة مخالف على خط مستقيم لمذكرة 15 / 9 / 1919 الخاصة بجلاء الجيش البريطاني عن البقاع وللاتفاقات التي عقدت بعد ذلك بين المسيو كليمانصو وبيني مدة إقامتي في باريس ) .

أرسلت الحكومة إلى قنصل إيطاليا نسخة من هذا الجواب بصفته عميد القناصل في دمشق . لتبليغها للأمم المتحدة مرفقاً بالمذكرة التالية :

( احتلت فرنسا رياق بقيادة الكابتن / هاك / حاكم زحلة العسكري ووصلت قوة فرنسية إلى نهر الخابور في الشمال السوري وقد حدثت هذه الحوادث فجأة ومن دون إطلاعنا عليها قبل وقوعها وهي لا تتفق مطلقاً مع التأكيدات التي نلناها بالمحافظة على الحالة الراهنة ، ورغبة منا في إنفاذ السلام وفي المحافظة على روابط الصداقة بيننا وبينهم آسف لإبلاغكم بأننا نعتبر الحركة الجديدة للجيش الفرنسي في داخل منطقتنا عملاً عدائياً تقع تبعته كاملة على عاتق مسببه ) .

واقترح الملك اللجوء إلى التحكيم الدولي حقناً للدماء ودفعاً لخراب البلاد .

في اليوم التالي 12  / 7 / 1920 تلقى الملك من المعتمد الفرنسي بدمشق الرد التالي                  ( طلبتم في 10 / 7 / 1920 معلومات عن ما هية الحركات العسكرية التي اقتضت وصول قطارات مشحونة بالجنود الفرنسية إلى المسلمية ، فلي الشرف أن أبلغكم أن الجنرال غورو أعلن أن ما جرى كان عبارة عن إبدال جنود المخا فر  الأمامية أمام جرابلس بجنودهم وأن الجنرال أبلغني إعلام سموكم الملكي أنه بسبب احتلال قوة من الجنود السورية لمجدل عنجر فإنه اضطر لاحتلال المعلقة ورياق

 

الملك فيصل أكد رغبته في احتلال مجدل عنجر باعتبارها الممر الطبيعي وإن تعزيز القوات فيها كان على أثر الأخبار المزعجة عن حشود الجيوش الفرنسية على حدود منطقة الاحتلال الفرنسي وهذا تدبير دفاعي من باب الاحتياط فقط .

وعرض الملك على غورو استعداده لتخفيض قواته وإعادتها إلى ما كانت عليه من قبل إذا تم جلاء الفرنسيين عن رياق والمعلقة .

لم يرد الجنرال غورو على رسالة فيصل هذه وأرسل إنذاره في 14 / 7 / 1920 رسمياً .

يقول الإنذار بالحرف الواحد ( أن غورو باسم الحكومة الفرنسية يود أن يعرض على سموكم الملكي موقف الحكومة إزاء السلوك الذي سلكته حكومة دمشق التي تتحمل التبعة إزاء أهالي سورية الذين عهد مؤتمر الصلح إلى فرنسا بأن تمتعهم بحسنات إدارة مؤسسة على الاستقلال والنظام والتساهل والثراء ، إن فرنسا عبرت عن رغبتها في مساندة حقوق الأهالي الذين يتكلمون العربية ويقطنون القطر السوري بحكم أنفسهم بأنفسهم وأن فيصل دعا فرنسا للقيام بهذه المهم باسم الأمة السورية .

وأوضح غورو أن حكومة دمشق لم تنقطع عن انتهاج سياسية معادية ومخالفة كل المخالفة لسياسة التعاون التي دعا إليها رئيس الوزراء الفرنسي وهي :

أولاً ـ عداء جلي لقواتنا لأن سكة رياق - حلب لا بد منها لإعاشة وتموين جنودنا الذين يحاربون الأتراك في الشمال وأن حكومة فيصل وراء تنظيم العصابات ضد الجنود الفرنسيين في جنوب لبنان ولا سيما في مرجعيون وعين أبل والقليعة مما أدى إلى مقتل الكثيرين .

ثانياً ـ إن في حكومة فيصل أشخاص مشهورون بعدائهم لفرنسا ورفض الانتداب .

ثالثاً ـ رفض حكومة دمشق قبول النقد الذي أصدره البنك السوري لحساب فرنسا ورفض نقل الحبوب من حماه إلى المنطقة الفرنسية ثم اجتياز قوات فيصل حدود المنطقة الغربية .

رابعاً ـ إن السلطة في دمشق اعتبرت من يوالي فرنسا مشتبهاً به ومن كان عدواً يحمى من كل شيء ومن هؤلاء فارس غنطوس ونسيب كبريل كما أن حكومة دمشق اشترت القسم الأعظم من أعضاء مجلس إدارة لبنان باثنين وأربعين ألف جنيه مصري ...

خامساً ـ انتهاك حرمة القوانين الدولية باحتلال الجيش الفرنسي  القطر السوري الذي يجب أن يبقى عثمانياً حتى   مؤتمر الصلح   الذي مهمته المحافظة على الحالة الراهنة فقط .

وكذلك قيام حكومة دمشق بإقرار التجنيد الإجباري في كانون الأول 1919 وقيامها بعقد مؤتمر سوري عام بصورة غير قانونية وأعطى الأمير فيصل لقب ملك دون حق أو وكالة .

سادساً ـ الإضرار التي أصابت فرنسا في سورية هي أن فرنسا لم تستطع تنظيم البلاد واضطرت إلى مواجهة الفتن الداخلية الأمر الذي دعا إلى استجلاب قوات كبيرة .

وانتهى الإنذار إلى أن فرنسا مضطرة لأخذ الضمانات التي تكفل سلامة جنودها وسلامة السكان الذين نالت من مؤتمر الصلح مهمة الانتداب عليهم .

لذلك فإن غورو يمهل الملك فيصل مدة 4 أيام للإجابة على الشروط التي حملها اللواء نوري السعيد حتى الساعة الأخيرة من يوم 18 / 7 / 1920 .

حكومة دمشق قبلت هذه الشروط في الساعات الأخيرة وترك جنودها الخطوط الأمامية في مجدل عنجر عائدين إلى دمشق وأخذت تسرح الجيش وحل فيصل البرلمان الذي كان معارضاً ..

قامت في دمشق مظاهرات واصطدمت بقوات الحكومة وسقط ما يقارب 300 مواطن بين قتيل وجريح واستمر الجيش الفرنسي في تقدمه نحو دمشق فأعطى أمراً للجيش السوري بالتصدي له قرب ميسلون في 23 / 7 / 1920 .

كان ميدان المعركة المتوقع في سهل البقاع حيث أقام الطرفان تحصينات ولو جرت في هذا الموقع لكان هذا أفضل للسوريين لو لم ينسجوا منه .

قام الفرنسيون باحتلال قسم من سهل البقاع ووضعوا يدهم على سكة حديد رياق ـ حلب التي كانت بيد السوريين .

تسريح الجيش وإخلاء المواقع السورية من البقاع فرض على السوريين نقل معركتهم إلى ميسلون ..

يوسف العظمة وزير الحربية وزع المهام على الجيش كما يلي :

1 ـ قيادة دمشق      للدفاع عن العاصمة

2 ـ قيادة البقاع      ستر بعلبك وإشعال الثورة في المنطقة

3 ـ قيادة يحفوفا      الدفاع عن الوادي وتوحيد الحركات الموجودة

4 ـ قيادة مجدل عنجر الوقوف في وجه الجيش الفرنسي ومنع تقدمه نحو دمشق

                        والدفاع عن المضائق في وادي الحرير ووادي القرن

5 ـ قيادة راشيا : تأمين طريق قطنا وحماية الجناح الأيسر لمجدل عنجر

6 ـ قيادة القنيطرة : منع تسرب  العصابات من المنطقة الساحلية إلى دمشق

هذه الخطة لم تنفذ كما هي لأن تبديلات قد حدثت ..

اللواء المدفعي محمد علي المدفعي التحق بالفرقة الأولى التي يقودها اسماعيل نامق وهي التي أمرت بالذهاب إلى مجدل عنجر .

اللواء الأول في هذه الفرقة كان بقيادة حسن الهندي وتمركز في رياق واللواء الثاني بقيادة توفيق العاقل تمركز في منطقة مجدل عنجر نفسها .

واللواء الثالث بقيادة أحمد شكري وأحمد رشدي الجبان .

وبقي في دمشق الفوج الثاني بقيادة اسماعيل زهدي تحت إمرة الحكومة .

كان الوضع على الجبهة جيداً وحفرت الخنادق حول مجدل عنجر من قبل سرية الاستحكام بقيادة الرئيس تحسين العنبري ولكن الجيش العربي كان ينقصه الأسلاك الشائكة التي وضع بعضها على طريق بيروت ـ دمشق فقط .

نسف السوريون كل الجسور من رياق إلى جب جنين ما عدا جسري بر الياس ودير زنون .

بلغ عدد القوات السورية 1400 جندي في فترة الإنذار وأما المدفعية فقد تولاها القائمقام احمد صدقي الكيلاني في الممرات الإجبارية للقوات الفرنسية باتجاه دمشق .

هذا الوضع الجيد تم نفسه حين أمرت حكومة دمشق بالانسحاب وتسريح الجيش وكان وزير الحربية قد وافق على انسحاب الفرقة في مخابرة هاتفية مع قائدها تحسين الفقيرة الأمر الذي جعل الانسحاب من مجدل عنجر وتسرع الجيش سببا في خسارة معركة ميسلون ..

وهكذا عاد قائد الفرقة تحسين الفقير مع قائد اللواء توفيق العاقل في 21 / 7 / 1920 عندما بلغت القوات المنسحبة ميسلون طرأ أمر جديد من يوسف العظمة بوجوب مقاومة زحف الجيش الفرنسي ... ؟

شرع الجيش بإعداد خط دفاعي في ميسلون وتركيز المواقع / عددها 4 / وذلك في موقع عقبة الطين .

قام الملازم جميل برهاني بإنذار الغرفة الفرنسية بأن تتوقف تحت طائلة التعرض للنيران الفرنسية ولكن الكومندان أرلابوس رفض ذلك .

تقدم الفرنسيون بخمس دبابات عبر وادي القرن ولكن النيران السورية أصابت ثلاثة منها .

الفرقة الفرنسية كانت بقيادة ( لامود ) وتضم لوائي مشاة بهما ستة أفواج وكتيبة وخياله وإحدى عشر بطارية مدفعية ثم أصبحت جميع القوات الفرنسية بقيادة الجنرال ( غوابيه ) ..

هذا الجنرال احتل رياق وسد بوابات البقاع من أي نجده تأتي من حمص أو دمشق وتم ذلك بدون مقاومة .

استعمل غوابيه بساتين تعنايل كمطار لطائراته وسعد تنايل لمراكز التموين والإخلاء ..

كانت خطط غوابيه نسف جسر الليطاني كما استخدم ثلاث عصابات تابعة له لمهاجمة وإرباك القوات العربية المنسحبة وهي من دير العشائر وعين الحلوة وعصابة سرغايا .

بدأت معركة ميسلون عند فجر يوم الرابع والعشرين من تموز 1920 وقبل منتصف النهار كان الجيش العربي قد توقف عن المقاومة واستشهد وزير الحربية يوسف العظمة مع 60 من رجاله وسقط من الفرنسيين 52 قتيلاً و 200 جريحاً .

في العلم العسكري لا يمكن اعتبر ما جرى في ميسلون معركة حربية بالمعنى العسكري لأن الجيش العربي كان عبارة عن متطوعين غير نظاميين وقليل التدريب والتموين والذخيرة في حين كان الجيش الفرنسي .. مدججاً وكثير العدد ومع الطائرات والمدافع ..

إن حكومة فيصل كانت تريد الاستسلام ولكن الوطنيين المتعصبين فضلوا التصدي للعبة الاستعمار العسكرية مع ان ما لدى الجيش العربي من الذخيرة لا يكفي إلا لساعتين فقط كما قال ياسين الهاشمي رئيس الأركان الذي أوصاه يوسف العظمة بابنته لأنه كان يعلم بأنه لن يعود لأنه سيموت دفاعاً عن قدسية الأرض .

سقطت مملكة فيصل في ميسلون ودخلت الجيوش الفرنسية دمشق والملك ما يزال يأمل بالاتفاق مع الفرنسيين بعد أن ألف وزارة موالية للفرنسيين برئاسة علاء الدين الدروبي ..

يبقى أن مصادراً من الجيش الفرنسي روت أن يوسف العظمة ورجاله تعرضوا لنيران العصابات المقاومة من دير العشائر وسواها وظنوها جاءت لنجدتهم في حين أنها كانت عميلة لغورو ..

ومن هذه المصادر أن غوابيه هو الذي ذهب إلى قبر صلاح الدين وليس غورو وقال هاقد عدنا ، لان أحد أجداده من الصليبيين اعتقل في دمشق وحين تم افتداؤه عاد إلى فرنسا بعد أن تعلم صناعة الورق في دمشق وأنشأ معملاً هو الآن أقدم معمل للورق هناك ....

هذه النبذة التاريخية عن معركة ميسلون تؤكد الحقائق التالية :

1 ـ أن الملك فيص كان يأمل بالاتفاق مع فرنسا وبقاء عرشه .

2 ـ ان حل الجيش كان من الأمور التي سهلت المعركة وكذلك الانسحاب من محور مجدل عنجر .

3 ـ أن التصدي للفرنسيين كان لأسباب وطنية لان هناك فرق في العقل السوري بين أن يمر غورو إلى دمشق في نزهة وبين أن يمر على جيشه وزير دفاع دمشق ...

 

 

 

Articles

Copyright © 2012 Hachwa
Last modified: 03/19/13 
Hit Counter