المركز العربي للتحليل السياسي - رئيس المركز المحامي ادوار حشوة

The Arabic Center for Political Analysis - President Adwar Hachwa Attorney in Law

 Home   The Author   Books      Articles       Forum     News  Literary Articles   Syrian Pictures     Content     Contact us

     الاتصال       دليل الموقع          صورسورية         مقالات ادبية            اخبار      اعلن رأيك      مقالات            كتب        الكاتب   الصفحة الأولى

 

 

 

 

 

 

 

التحديات الحقيقية ....

التحديات الحقيقية .... في الإصلاح السياسي في سورية ....

 

تستند الدول في نشأتها إلى عقد اجتماعي تتوافق عليه أحزاب الساحة التي تمثل عملياً مختلف مكونات المجتمع وتياراته السياسية .

يبدأ العقد الاجتماعي بالدستور الذي هو الأساس والذي يحتوي على المبادئ الأساسية لنظام الدولة السياسي .

1 ـ هذا الدستور إما أن يكون رئاسياً أو يكون برلمانياً ، في النظام الرئاسي يُنتخب الرئيس من الشعب مباشرة وتتجمع بيده قوة القرار السياسي ويرأس الجيش والسلطة التنفيذية ومجلس القضاء الأعلى وله الحق في إصدار مراسيم تشريعية أيضاً .

2 ـ وفي النظام البرلماني ينتخب الناس النواب وهؤلاء ينتخبون الرئيس الذي يملك صلاحيات محدودة وهو مسؤول أمام مجلس النواب حيث السلطة التشريعية المستقلة والحكومة الممثلة للسلطة التنفيذية مسؤولة أمام المجلس الذي يمنحها الثقة ويحجبها أما السلطة القضائية فهي مستقلة ويقودها مجلس القضاء الأعلى وحده .

3 ـ في سورية وبعد الانقلابات العسكرية انتخب الشعب جمعية تأسيسية عام 1950 مهمتها وضع دستور للبلاد . هذا الدستور تم إنجازه والتصويت عليه واستقرت الحوارات بين أحزاب الساحة الموجودة في الجمعية مدة سنة كاملة إلى أن تم إقراره.

في ظل هذا الدستور أعيد بناء الحركة الشعبية ونشطت كافة الأحزاب ملتزمة كلها بالعمل بالوسائل السياسية وشهدت سورية صعوداً سياسياَ متنوعاً ولم يشعر أي حزب ولا أي تيار ولا أي شريحة من مكونات المجتمع بالقهر أو الحذف أو الغربة ... كان دستوراً رائعاً .

4 ـ في عام 1958 وبعد إقرار الوحدة مع مصر انتقلت سورية إلى النظام الرئاسي المصري وألغي الدستور السوري البرلماني .

5 ـ اختلف البعثيون مع عبد الناصر واستقالوا من الوزارة وفي فلسفة الخلاف معه ادعوا أن فصل الوحدة عن الديمقراطية يفقدها القدرة على الإشعاع وطالبوا بنظام برلماني وحرية الأحزاب .

بعد سقوط الوحدة في 28 / 9 / 1961 نتيجة لانقلاب عسكري مدعوم من جهات عربية ودولية عادت سورية إلى النظام البرلماني وعادت الأحزاب إلى النشاط السياسي ورفعت الأحكام العرفية ما عدا منطقة الجبهة مع اسرائيل .

6 ـ بعد 8 آذار 1963 وبعملية عسكرية تحالف فيها الناصريون مع البعث تم إسقاط نظام (الإنفصال) تحت شعار إعادة الوحدة بشروط أهمها إعادة الديمقراطية في دولة الوحدة .

رفض عبد الناصر هذه الشروط متمسكاً بالنظام الرئاسي المصري وأدواته ففشلت الجهود لإعادة الوحدة وتقاتل الحلفاء وبعد أحداث 18 تموز 1963 انفراد البعث وحده في السلطة في سورية .

7  ـ البعث أقام نظام حزب الحكم الواحد مستنداً إلى جيش لا يحق لأي حزب أو تيار أن ينشط فيه وأخذ اسم ( الجيش العقائدي ) وفرض إيديولوجية البعث وأفكاره على مؤسسة الجيش وحصل على استقرار لحكمه من هجمات الآخرين وأعلن الأحكام العرفية مجدداً والتي استمرت من عام 1963 حتى الآن .

8 ـ هذا الاستقرار لم يدم طويلاً فاختلف أهل النظام فيما بينهم واقتتلوا في 23 شباط 1966 حيث تم طرد جماعة القيادة القومية وفي 16 / 11 / 1970 تم طرد جماعة 23 / شباط تحت اسم الحركة التصحيحية .

وهذه الحركة أصدرت دستوراً جديداً اعتمد على أسس واضحة هي قائد وحزب قائد وجبهة مقودة ومجلس شعب وانتقلت بذلك قوة القرار السياسي إلى القائد الذي هو رئيس الحزب الحاكم ورئيس لسلطة التنفيذية ورئيس مجلس القضاء الأعلى والقائد العام للجيش ويملك صلاحيات تشريعية خلال فترة عدم انعقاد مجلس مجلس الشعب واستمرت الأحكام العرفية معلنة وعملياً أخذ البعثيون بالنظام الرئاسي شبيهاً بنظام عبد الناصر .

هذا النظام الجديد استقر قوياً واستعاد دور سورية في المنطقة وأوقف الصراع حول السيطرة عليها من الدول العربية والأجنبية .

وفي السياسة الخارجية اعتمد سياسة متوازنة فلا السوفيات شعروا بالغربة ولا الأميركيون شعروا بالقهر وكان يرحب بهم في مختلف ظروف الخلاف السياسي في المنطقة .

9 ـ تعرض هذا النظام لهزتين كبيرتين الأولى من مجموعة ( الطليعة ) في الإخوان المسلمين التي لجأت إلى العنف والتي جوبهت بالتصفية التي امتدت إلى كل من كان منتسباً أو مؤيداً ليس لها فقط بل للتيار الديني الذي جاءت منه وكان هذا التعميم خطأ فليس كل منتسب للإخوان كان من الطليعة أو مؤيداً للعنف .

أما الثانية فجاءت من أهل البيت الحاكم حين حاول رفعت الأسد الاستيلاء على السلطة وهذه الحركة فشلت واستعاد النظام استقراره .

10 ـ في الدخل تحولت صيغة الجبهة الوطنية التقدمية إلى مجرد ديكور سياسي ولم يعد لها أي دور في صناعة القرار السياسي غير تلقيه والتصفيق له فأدى الأمر إلى انقسامات عديدة في أحزابها وهربت من العمل السياسي نخب وقيادات فاعلة فهمت أن الصيغة الجبهوية هي ستار لتعددية سياسية غير فاعلة وللاستهلاك الخارجي .

11 ـ أما مجلس الشعب فقد تم انتخابه انطلاقاً من دوائر واسعة هي المحافظات الأمر الذي جعل النتائج في صالح قوائم السلطة وأما المستقلون فصارت المقاعد المخصصة لهم للذين يملكون المال أو للعشائر والطوائف وفقدت كل كفاءة سياسية القدرة على الوصول للمجلس كما لو كانت الدائرة صغيرة حيث يعرف الناخب من ينتخب وبدون نفقات يمكنه الحصول على مقاعد للأكفاء فلا يطردهم الدعم السلطوي ولا المال الذي كان أغلبه من أرباح المهربين وكبار التجار.

12 ـ وفي الدخل أيضاً تم القضاء على حياد القضاء فصارت نسبة كبيرة جداً منه من الحزب الحاكم وتتبع إرادة الحكم وتنفذ مطالبه وفقد استقلاله .

13 ـ وفي الدخل تم اعتماد سياسة تقوم على مبدأ أن النظام يقوى إذا اتسعت دائرة المستفيدين من التحالف معه فنشأت طبقة من كبار التجار عقدت اتفاقات مع بعض رموز السلطة وأجهزتها وجنت مالاً كثيراً بعد أن طردت من الساحة كل من لا يواليها .

14 ـ أهم ماحدث في الساحة الداخلية هو تراجع نسبة الطبقة الوسطى إلى درجة كارثية فالسلطة من جهة والمستفيدون من التحالف معها أجهزوا على هذه الطبقة الوطنية المنتجة والتي هي قاعدة الديمقراطية والحلول الوسط للأزمات الحادة فصار في البلد طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء والمعدمين والطبقة الوسطى تعيش الآن من مدخراتها فصار في الساحة استقطاب حاد وازداد الفقراء والمهمشون .

وفي كل الأدبيات السياسية يمكن أن يصبح هؤلاء مجالاً صالحاً للتيارات السلفية العنيفة وهو الأمر الواضح حيث شهدنا صعوداً لهذه التيارات حيث صارت بعض المظاهر حالة احتجاج سياسي أكثر مما هي حالة تعبد .

15 ـ بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وترشيح الحزب للسيد الرئيس بشار الأسد وبعد خطاب القسم الذي كان يعبر عن روح التغيير والتنفس تأمل الناس خيراً كثيراً وكثيرون أيدوا الرئيس منتظرين تطوراً سياسياً لا يكون تحت عامل العنف وبالوسائل السياسية وتوافقياً .

القوى السياسية المعارضة تتوزع على نخب سياسية وهي ضعيفة في العدد وقوية في الشعارات وغير قادرة على الضغط لإحداث التغيير السلمي .

أحزاب الساحة كلها بما فيها البعث ومن يحالفه في الجبهة الوطنية التقدمية أصبحت تعيش المأزق السياسي حيث تحول البعث وأحزاب الجبهة إلى وضع لا تملك فيه قوة القرار السياسي وصار حتى  البعث الحاكم دستورياً مثل أحزاب الجبهة ولكنه يملك وظائف ومقاعد أكثر .

أما المعارضة السياسية فقد طالبت بإلغاء الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين ودعت إلى مصالحة وطنية .

وأما المعارضة الدينية فقد تقدمت بمشروع مصالحة قالت فيه أنها لا تعتبر السيد الرئيس بشار الأسد مسؤولاً عن الماضي وأعلنت نبذها للعنف وأبدت استعدادها للعمل بالوسائل السياسية .

كل قوى المعارضة لا تريد معركة مع البعث ولا تريد حذفه كما أنها ترفض أي تغيير بقوة الخارج وهذه كلها نقاط إيجابية صالحة لأي حوار وطني واسع .

16 ـ هذا الحوار الوطني لم يحصل لأن قوى كثيرة ما تزال تحلم بسلطة منفردة وتأنف مشاركة الآخرين وكل ما قدمته حتى الآن هو تخفيف دور الأجهزة وتحديد مجالات عملها وخلق ذلك متنفساً معقولاً ثم أصدرت قانوناً للمطبوعات فيه قيود كبيرة على حرية الرأي وأعطى الانطباع بأن عملية الحوار تسير في طريق مسدود .

وأبدت السلطة استعدادها لإصدار قانون للأحزاب ولكن بإرادتها المنفردة ودون حوار مسبق مع أحزاب الساحة واستغرق هذا الوعد السلطوي سنوات ولم يصدر حتى الآن وأخشى ما يخشاه السياسيون أن يكون نسخة طبق الأصل عن قانون المطبوعات .

هذا هو تسلسل الأحداث في سورية وعند المحطة الأخيرة يتوقف الجميع متسائلين عن الحل في ظل ظروف خارجية ضاغطة تطالب بثلاثية سياسية هي مقاومة الإرهاب والسلام مع اسرائيل ونشر الديمقراطية في المنطقة .

كل نظام حكم وكل معارضة لا يملك كل منهما مشروعاً متكاملاً يصبح كل منهما خاضعاً لأسلوب التجربة والخطأ ولردود الفعل إزاء كل حدث .

ولكي يكون عندنا مشروع متكامل للمستقبل يرد على كل التحديات الداخلية والخارجية فإن علينا أولاً أن نحدد الأمور المختلف عليها بكل صراحة فلم تعد الأوضاع تسمح بالتخفي وراء مطالب سياسية عاجلة لأن الجسم السوري بحاجة لإعادة تأهيل شاملة لكي يستعيد صحته ويحمي الاستقلال والحريات .

الأمور المختلف عليها لدى الأطراف كلها هي :

1 ـ نوع النظام السياسي .

2 ـ دور القوات المسلحة في العمل العام .

3 ـ دور الدين في الحياة السياسية .

4 ـ حياد القضاء واستقلاله .

5 ـ الأحزاب .

6 ـ الانتخابات .

7 ـ قانون الطوارئ .

8 ـ المصالحة الوطنية .

ـ حول نوع النظام السياسي :

أثبتت أن التجربة أن النظام الرئاسي لا يصلح في بلد تعددي في أديانه وطوائفه وعناصره وأنه أفرز استبداداً وبالتالي فإن النظام البرلماني ال1ي يستحضر عن طريق الانتخابات النزيهة كل ممثلي هذه التعدديات إلى البرلمان للمشاركة في حكم الدولة يعيد بناء الحركة الشعبية ويسهل كثيراً انتقال المواطن من تابع ديني أو طائفي أو عنصري إلى تابع وطني ويؤدي إلى مشاركة سياسية لا تحذف أحداً من العمل السياسي .

هذا النظام البرلماني هو الذي كان سائداً قبل الوحدة والذي تم وضعه عن طريق جمعية تأسيسه وشاركت في وضعه كل أحزاب الساحة وأدى إلى صعود قوي للحياة السياسية .

لذلك فإن أي مشروع سياسي للمستقبل يجب أن يأخذ بهذا النظام وأن يطالب بإعادة العمل في دستور عام / 1950 / الذي يمكن عن طريق البرلمان المنتخب مجدداً تعديله إذا لزم الأمر .

ما يبدو فإن الوسائل لإعادة العمل بالدستور المذكور هي في استفتاء الناس حول ذلك .

ولا يجب أن نشعر أبداً أن أحداً من الخارج وبالضغط أملى علينا الانتقال إلى دستور / 1950 / لأن هذا الدستور تم وضعه من قبل جمعية تأسيسية منتخبة بنزاهة مطلقة وهذا الدستور موجود في تاريخنا السياسي وتعرض للهزات العسكرية وهو على أي حال موجود في مخزوننا السياسي قبل أن يولد الرئيس بوش !

 

ـ حول دور القوات المسلحة في العمل العام :

شهدت الفترة الممتدة من عام / 1949 / بعد الانقلاب العسكري الأول ضد النظام البرلماني انقلابات عسكرية عديدة كلها أدت إلى انتقال قوة القرار السياسي من البرلمان والأحزاب الأخرى السياسية إلى الجيش وقياداته ثم إلى أجهزته الأمنية .

·                        انقلاب حسني الزعيم في 30 / 3 /1949 حل البرلمان وألغى الأحزاب ووقع اتفاقية التابلين وأعاد مستعمرة مشمارها يردن لليهود عبر اتفاقية الهدنة وسلم أنطون سعادة إلى الحكومة اللبنانية التي أعدمته .

·                        انقلاب الحناوي 2 / 8 / 1949 كان يهدف إلى تنصيب ولي العهد العراقي عبد الإله ملكاً على سورية عبر انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً للبلاد فلم تتوفر الأكثرية وتم إقرار النظام البرلماني الجمهوري .

·                        انقلاب أديب الشيشكلي على النظام البرلماني استهدف إقامة حكم عسكري رئاسي تتجمع فيه السلطة في الجيش وموالياً لمصر الرئاسية وللسعودية وقد تم على مرحلتين .

·                        وقد أدى إلى حل الأحزاب والبرلمان وتم في عهده السماح لإسرائيل بالاستيلاء على سهل الحولة الذي كان في اتفاقية الهدنة منطقة عازلة .

·                        انقلاب مصطفى حمدون شباط 1952 المدعوم من المؤتمر السياسي للأحزاب في حمص أدى إلى سقوط حكم الشيشكلي وإعادة العمل بدستور / 1950 / وشهدت هذه الفترة صعوداً للحركات الشعبية كلها ولحرية الرأي .

·                        انقلاب الجيش عام / 1955 / بعد مقتل المالكي من داعم للديمقراطية إلى حارس مزعوم لها عبر تفويض المكتب الثاني تصفية الحزب السوري القومي الأمر الذي أدى إلى انتقال قوة القرار السياسي من البرلمان والأحزاب إلى جهاز المكتب الثاني وتلك كانت أول مذبحة للديمقراطية وتم إعادة دور الجيش .

·                        انقلاب الوحدة العسكري عام / 1958 / حين استغل العسكريون عواطف الناس المؤيدة للوحدة العربية والمتضامنة مع مصر ضد العدوان الأجنبي عليها ، فذهبوا إلى القاهرة وأنجزوا الوحدة مع مصر من وراء البرلمان والحكومة فصارت أمراً واقعاً في 22 / 2 / 1958 هذا الوحدة من شروطها إقامة نظام رئاسي وإلغاء الأحزاب وأدت إلى فك الارتباط الضروري بين الوحدة والديمقراطية فلم تستطع أن تكون مركز إشعاع وحدوي وخسرت الكثيرين من مؤيديها وعلى رأس هؤلاء حزب البعث الذي أمر باستقالة وزرائه تحت هذه الذريعة .

·                        انقلاب الانفصال في 28 / 9 / 1961 وكان عسكرياً محضاً وأدى إلى فصل الوحدة وإعادة العمل بالنظام البرلماني ورفع الأحكام العرفية .

·                        انقلاب 8 آذار 1963 العسكري القائم على تحالف القوى الناصرية وقوى البعث في الجيش تحت شعار إعادة الوحدة .

وفي مباحثات إعادة الوحدة رفض عبد الناصر شروط البعث بإعادة الديمقراطية وبعد 18 / 7 / 1963 انفرد البعث بالسلطة وأقام نظاماً حزبياً منفرداً رئاسياً ولم يحترم نقاط الخلاف مع عبد الناصر فأقام نظاماً مماثلاً فقد هو الآخر قدرته على الإشعاع الوحدوي .

·                        انقلاب 23 / شباط / 1966 الذي كان إفرازاً عسكرياً للخلاف وتركيزاً للسلطة في العسكريين المتشددين وكانت حصيلة ذلك حكم الحزب الواحد والجيش العقائدي .

·                        وكانت حصيلة ذلك حرب / 1967 / واستيلاء اليهود على الجولان .

·                        انقلاب 16 / 11 / 1970 الذي قاده الرئيس الراحل حافظ الأسد تحت اسم الحركة التصحيحية وهو انقلاب عسكري ودعا إلى جبهة وطنية تقدمية مساندة ومجلس شعب وانفتاح محدود وإطلاق سراح معتقلين .

·                        انقلاب / 1984 / بقيادة رفعت الأسد وهو انقلاب في البيت الحاكم في حزب البعث وقد فشل وكان عسكرياً محضاً ولم يؤد إلى أي تغيير .

·                        انقلابات عسكرية عديدة في الجيش العقائدي لم يعلن عنها وكانت حركات تأمرية جرى تصفيتها ولم تؤد إلى شيء .

·                        هذه هي صورة الوضع في الوضع في القوات المسلحة وهي صورة كارثية أدت إلى انقسامات في الجيش وازدياد تدخله في الحياة السياسية حتى انتهى إلى الأمر إلى تحوله من أداة للدفاع عن الوطن والدولة إلى صانع وحيد للسلطة ورئيساً وحيداً لها مخضعاً كل المؤسسات إلى إرادة ضباطه ثم تحول بعد 8 آذار 1963 إلى حزب حاكم صنع بإرادته الحزب المدني الذي يريد ووضع الدستور الذي يلائم هذه الإرادة فاستقر له الأمر فترة طويلة .

المسألة الأساس . إذن في سورية هي دور القوات المسلحة في العمل العام لان هذا الدور والخلاف حوله هو الذي دفع الأمور إلى انتقال البلد إلى حكم عسكري رئاسي حزبي منفرد وألغى الأحزاب والحريات مالم تكن في جيب الأجهزة النافذة ، مطيعة ومصفقة وتقبل بالفتات .

لذلك فإن تحديد دور القوات المسلحة يستدعي الإطلاع على تجارب الشعوب

في فرنسا وبعد العصيان الذي قام به الجنرالات في الجزائر ضد قرار الأمة بالانسحاب من الجزائر قال ديغول في خطاب تاريخ ( يجب أن يفهم هؤلاء العصاة أن الجيش الفرنسي ملك لفرنسا وفرنسا ليست ملكاً للجيش الفرنسي ) .

وبذلك أسس لمدرسة تقوم على ضرورة إخضاع الجيش للقرار السياسي للأمة وعدم السماح له بالتدخل في الشؤون السياسية .

في تركيا التي أقام دولتها أتاتورك على مبدأ العلمانية معتمداً على قيادته للجيوش صار الجيش حامياً لمبادئ أتاتورك في العلمانية وكان يبرر تدخله ضد الحكومات والبرلمانات في حالة واحدة هي تعرض العلمانية لخطر الشارع الديني .

هذا الوضع أعطى للقوات المسلحة حق النقض والتدخل في كل أمر يمس وجود الدولة وفيما عدا ذلك لا يتدخل .

أما المدرسة الثانية فهي مدرسة التدخل في السياسية بهدف السيطرة والحكم وهي مدرسة شائعة في الدول النامية ومنها منطقتنا كاليمن والعراق والجزائر وسورية ومصر وتونس والسودان وليبيا ...

في اختيار ما هو الأفضل لنا ، في بلد تعددي في أديانه وطوائفه وعناصره هو أن يكون الجيش محايداً وبعيداً عن الصراعات السياسية وتنحصر مهمته في الدفاع عن الوطن وعن وجود الدولة والسلم الأهلي وخاضعاً للقرار السياسي .

وفي حال الحرب يجب أن يسأل مجلس الدفاع الأعلى وبالموجز أن يكون له دور قومي لأن صناعة الحرب تقتضي التشاور مع المؤسسة التي تخوض هذه الحرب .

وهنا يتداول الناس شعار دور قومي للجيش في القضايا الكبرى أما الدور اليومي فيجب أن تتولاه المؤسسات التشريعية والتنفيذية لأنه لا يمكن فرض إيديولوجية لحزب على مجتمع تعددي ولأن المطلوب هو أن يشعر المواطن بأن الجيش هو جيش سورية لا جيش أحد أحزابها أو عناصرها وبذلك ترتفع قدسية الجيش بنظر الشعب ويزداد احترامه لحماة الديار كما كان الأمر في بدايات الاستقلال ...

حماة الديار عليكم سلام .... حماة الديار أولاً وبعد ذلك كل شيء آخر من التفاصيل .

دور الدين في الحياة السياسية :

في الشرق كانت بداية الأديان السماوية التي انتشرت في أكثر من نصف سكان الأرض التي سكنتها وكان العامل الروحي الذي يعتمد التسليم لقدرات الخالق مسيطراً وكان أيضاً عامل استقرار للحكام .

لأن الحياة الروحية تبدأ من الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة فإنها دائماً كانت تطبع الحياة السياسية بحركتها وبالتالي كانت هناك استحالة لفك الارتباط بين الدين والأسرة والمجتمع وامتداداً إلى أنظمة الحكم .

في الدولة الحديثة حين يكون الشعب على دين واحد معين أو أكثرية شبه كاملة فإن تطبيق مبادئ الدين على الحكم لا يخلق مشكلة بل يساعد الحكم على تأمين الاستقرار لحكمه بنفقات تقل عن نفقات أي جهاز شرطة .

في الدول ذات التعددية الدينية والطائفية والمذهبية والعنصرية كما هو المثال السوري فإن الأمر بالغ الصعوبة لأنه يصطدم بقناعات دينية وطائفية وعنصرية مختلفة حول القبول بسيادة شريعة واحدة منسوبة إلى أحد مكونات المجتمع ولو كانت تمثل الأكثرية النسبية .

ما هو ممكن لمواجهة الواقع وبدون تعصب وفوقية هو أن يتم الاتفاق على صيغة متطورة لا تحذف الدين من حياتنا وثقافتنا لأن هذا مستحيل وبالمقابل تحدد مجالات عمله وبالموجز يحب السعي إلى نوع من الاختصاص في النشاط لا يشعر أحد من خلاله بالحذف ولا القهر هذه الصيغة هي التالية :

مكان رجال الدين المعابد وهم فيها أحرار ومحترمون ومكان رجال السياسة الأحزاب وهم فيها أحرار ومحترمون .

كل فئة تمارس نشاطها الأخلاقي والإنساني والسياسي في مجال عملها لأن التداخل سيؤدي إلى وحدة وطنية هشة وإلى شعور بالغربة والقهر في وطن نريده موحداً ونريد فيه مساواة حقيقية .

في دستور / 1950 / الذي وافقت عليه التيارات الدينية والبعث العربي الاشتراكي وكافة أحزاب الساحة احترام الأكثرية الإسلامية فاعتبر دين رئيس الدولة الإسلام والشريعة مصدراً أساسياً من مصادر التشريع .

كل القوى التي تؤمن بالأديان والطوائف والعناصر تأخذ حقها من خلال العمل السياسي في أحزاب الساحة حيث لا فرق بين مواطن وآخر وفي النتيجة فإن الأكثرية تأخذ موقعها الأول من خلال صناديق الاقتراع وليس من الأكثرية النسبية في تعداد السكان .

في هذا المجال فإن احترام التراث التاريخي والديني للمنطقة التي تقع دولتنا فيها هو أمر يعزز بناء الشخصية الوطنية وكل ما هو ضروري أن نعتمد في ثقافتنا ومدارسنا التراث على أساس انتقائي بحيث أن ما يفيد الوحدة الوطنية وما يقاوم التعصب وما يدعو للتعايش بين مكونات المجتمع يجب أن يعتمد وما عداه مما يتعارض مع هذا يجب إهماله ..

لا يمكن أن تكون سورية دولة تعادي الدين ولا أن تهمل ضرورته ولكن مجال نشاطه يمكن أن يخضع للمصلحة العامة الوطنية دون المساس بحرية النشاط الديني والذي يقوم على أسس إنسانية وأخلاقية تعزز مكانته ولا تلغي دوره في الدفاع عن الوطن وفي تعزيز الأخلاق في الأسرة والمجتمع .

ـ حول حياد القضاء واستقلاله :

لأن القضاء هو عنوان للعدل بين الناس ولانه النافذة التي يبحث من خلالها كل مظلوم ومقهور عن حقه فيجب نظرياً أن تكون هناك مؤسسة لا تتأثر بأي عامل سلطوي أو غير سلطوي حيم يحتكم الناس إليها .

كان القضاء في تراثنا فوق الحكام والسلاطين وفوق كل قوي وأمامه يحضر المتخاصمون متساويين في الحقوق والواجبات . لذلك وحيث أن هذا القضاء في سورية ليس كذلك لأن 90 % من القضاة من الحزب الحاكم وانتقاؤهم يقوم على أسس غير الكفاءة ولا بد من تزكية لتعينهم من الحزب والأجهزة المختلفة فإن نظرة الناس إلى القضاء كمؤسسة محايدة وعادلة لم تعد مقنعة ولا صحيحة .

في هذا المجال يجب إعادة النظر في هذه المؤسسة لكي نسترد ثقة الناس لأن القضاء هو أحد أهم الأعمدة في بناء أي دولة وفي سلامة علاقاتها مع الناس في البلد ومع كل الدول والشركات في الخارج .

ما هو مطلوب هو حياد القضاء ومنع الحزبية فيه وتعزيز استقلاله بحيث يحل مجلس القضاء الأعلى محل أي دور سلطوي وهذا المجلس هو الذي يقترح مراسيم تعيين القضاة بعد التثبيت من كفاءتهم ولياقتهم وحيادهم .

ويبقى أن رواتب القضاة يجب فصلها عن رواتب السلطة التنفيذية وتأمين عيش كريم لهم يجعلهم بمنأى عن الحاجة على أن يترافق ذلك مع تشدد كبير في الرقابة على كفاءتهم وسلوكهم وتسريح من يخل بقاعدة الحياد أو يرتكب الفساد أو يكون غير صالح علمياً للقضاء .

قضاء محايد سياسياً وكفء علمياً ونظيف تماماً هو قاعدة أساس لأي بناء ديمقراطي وحزء من عملية الوصول إلى دولة القانون والمؤسسات.

ـ حول الأحزاب السياسية في سورية :

وجود لأحزاب يعبر عن طموح مجموعة من الناس للانخراط في العمل العام لتحقيق مصالحهم في الدولة .

في اليونان قديماً كانوا يعتبرون أن اهتمام الإنسان بالعمل العام من الفضائل وكانوا يعتبرون الحيادي شخصاً لا نفع فيه . ولذلك نشأت عندهم الأحزاب في           وقت مبكر .

كل حزب في التاريخ ينشأ لخدمة مصالح قومية أو وطنية أو دينية أو حتى لخدمة تيار فكري ولا يوجد حزب ينشأ من فراغ إلا إذا كان أعضاؤه من ورق .

في سورية كانت هناك أحزاب نشأت في ظل مقاومة الاستعمار الفرنسي وأحزاب تعبر عن الطموح لوحدة العرب وأحزاب تعبر عن الرغبة في وحدة بلاد الشام وأحزاب تدعو إلى طبقية وأخرى لأممية دينية .

هذا الكم من الأحزاب لم يكن يوماً وليد ضعف في المجتمع بل كان مجرد منابر يتنافس فيها الحزبيون لكسب قناعة الناس ببرامجهم ، وكانت الحرية المتوفرة في الساحة تسمح للشعب أن يكون رقيباً عليهم جميعاً من خلال قدرته على تقديم الصالح وإسقاط الطالح عن طريق صناديق الاقتراع .

هذه المنابر سواء أكانت في السلطة أو المعارضة شكلت حالة الرقابة الشعبية على سوك الجميع فتراجع الفساد وتراجع التعصب وتحول الحاكم من نصف إله إلى خادم للناس يستحق حبهم ما كان وطنياً ونظيفاً ويحترم كرامات الناس وحرياتهم.

وبسبب هذه الحرية الواسعة للجميع لم يعد هناك ضرورة للحكم العرفي لأن مبدأ التداول في السلطة بالاقتراع موجود ولأن الديمقراطية لا تقوم على حذف أي آخر .

بسبب ذلك بدأت دولة القانون والمؤسسات خطواتها وبدأ الناس يجدون حماية مصالحهم في سيادة القانون ولا يبحثون عن ولاءات طائفية أو عنصرية أو            دينية تحميهم .

تحول المواطن السوري من تابع ديني أو طائفي أو عنصري إلى تابع وطني وأخذت كل التعدديات حرياتها الدينية والطائفية وأعطت مقابل ذلك الولاء الوطني .

هذه الأحزاب تم إلغاؤها دفعة واحدة وبقرار واحد ودون تفويض وطني بحجة أن الوحدة تستدعي ذلك وعلى قاعدة أن وحدة أرض العرب تستدعي وحدتهم في            حزب واحد .

إلغاء الأحزاب في سورية والنظام الرئاسي الفردي الذي حل محلها كان كارثة على الديمقراطية السورية الناشئة لأن دمج التيارات والأفكار والمصالح في تنظيم سياسي واحد مفروض بقوة السلطة هو ضد الطبيعة الاختلاف في المصالح والآراء وهو بداية لحكم ديكتاتوري وليس تعبيراً عن أي وحدة وطنية كما كانوا يزعمون.

بعد الثامن من آذار / 1963 / لم يحترم البعثيون طروحاتهم حول ضرورة الديمقراطية للوحدة في معروض خلافهم مع عبد الناصر فأقاموا حكماً مماثلاً رئاسياً وحزبياً منفرداً ثم تستروا بواجهة صورية سموها الجبهة الوطنية جردوها من المشاركة في القرار ومع الزمن تحولت إلى جبهة أحزاب هرب منها أعضاؤها ولم تحصل على ثقة الناس ولا أقنعت الخارج بوجود الديمقراطية .

الآن تبدلت الصورة ، وكثيرون حتى في الحزب الحاكم يرون ضرورة وجود أحزاب حقيقية لا صورة أحزاب وحتى في العالم الخارجي الذي نتعامل معه يريدون دولاً ديمقراطية كشرط للمشاركة الاقتصادية معها ثم أصبحت ضرورية لمنع التطرف والإرهاب ولفرض الاعتدال عبر السماح بمتنفسات تكون بديلاً عن العنف              والاحتقان الداخلي .

صار هناك تقاطع بين رغبة الناس في عودة الديمقراطية وبين استراتيجية الخارج القائمة على نشرها بالاقتصاد وبالسياسة والحرب .

لم يعد صحيحاً أن كل من يدعو للديمقراطية هو بالضرورة يوافق على العدوان الخارجي أو الحصار ولا على أهداف الخارج في المنطقة فالأمران منفصلان في منشأ الحق في كليهما وكلاهما يلتقيان على أمر عودة الديمقراطية .

فما هي الصيغة الداخلية في سورية لإنتاج وضع ديمقراطي يحقق رغبات الناس ولا يستدرج عدوان الخارج ؟

السلطة في سورية منذ سنوات تقول أنها تدرس قانوناً للأحزاب وبين فترة وأخرى تدير حواراً في صحفها حول ذلك ولكن أبداً لم تدخل في حوار مع أحزاب الساحة حول شكل هذا القانون وحدوده والحريات فيه مما يدل على أنها ستفرضه بقوة السلطة ليأتي معبراً عن مصالحها لا عن الديمقراطية .

لذلك وحسماً للجدل حول هذا الموضوع ولكي لا تمتد الحوارات أو الوعود سنوات فإن التجربة السياسة في سورية أثبتت أن قانون الأحزاب والجمعيات الذي كان قائماً قبل الوحدة هو الأفضل لتعددياتهم وللديمقراطية .

في هذا القانون الذي وافقت عليه كل مكونات المجتمع السوري السياسي يكفي أن يودع المؤسسون وزارة الداخلية عقد تأسيس الحزب وبرنامجه السياسي وهذه الوزارة تدرس ما إذا كان في هذا البرنامج ما يخالف الدستور فتطلب تعديله فإذا مر شهر على الإيداع صار الحزب مرخصاً حكماً.

وفي حال الخلاف على البرنامج بسبب واحد هو مخالفته الدستور فللقضاء الإداري الحق وحده في البت في ذلك وقراره واجب النفاذ .

هذا القانون إذا أعدنا العمل به نكون قد بدأنا ولى الخطوات نحو ديمقراطية لا يحذف فيها أحد وتكون تحت سلطة القضاء وغير قابلة للقمع .

ـ حول قانون الانتخابات :

كان في سورية قانون انتخابات يقوم على الانتخاب لشخصي للنائب انطلاقاً من دوائر صغيرة المنطقة فالمدينة وبالاقتراع السري وعلى أساس عدد السكان .

هذا القانون أتاح للكفاءات الوطنية أن تنجح وخففت كثيراً من دور الإقطاعيين وأصحاب الأموال لأن الناخب يعرف مرشحه على الأغلب ولا يحتاج أي مرشح للكثير من المال للوصول إلى الناخبين وزيارتهم وبقدر معقول من النفقات يمكن  خوض الانتخابات .

وهذا القانون سمح للناس أن يحجبوا ثقتهم عن النائب في دورة قادمة إذا أساء أو انتهز أو نافق أو فسد مهما كانت القوى المالية والسلطة التي تدعمه قوية .

بعد الثامن من آذار / 1963 / تبدلت الأمور فمرت فترة عين فيها نواب من السلطة والفترة التي تلت الحركة التصحيحية عام / 1970 / شهدت انتخابات من  نوع جديد .

اعتمد القانون الجديد على اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة أي أن على المواطن أن ينتخب عدداً من النواب حسب تعداد السكان .

في الوقع استهدف هذا القانون مصلحة قوائم السلطة التي وحدها تستطيع النشاط في محافظة بكاملها وبالتالي سيكون من المستحيل على مواطن جيد وكفء أن ينجح إلا إذا كان في قوائم السلطة وسمح هذا هو الأمر الأخطر بأن يكتسح العشائريون وكبار التجار والرأسماليون من المهربين مقاعد المستقلين ....!

لم يستطع أي حزب ولا أي تيار ولا أي قائد شعبي أن ينجح مهما كان على درجة من الكفاءة وتم طرد جميع النخب السياسية من العمل العام في إطار مجلس الشعب الذي تحول إلى أعضاء مواليين وإلى مستقلين جاءوا بدعم السلطة وموافقتها فتحول إلى مهرجان تابع لا إلى برلمان فاعل وفقد ثقة الناس واحترامهم.

الآن نجد بعد التجربة أن العودة إلى قانون الانتخاب الذي كان قائماً قبل الوحدة هو العمل الصحيح المطلوب لإعادة دور البرلمان والأحزاب وإعادة بناء الحركة الشعبية بحيث تأتي القيادات الشعبية إلى المجلس الذي يجب أن يتحول إلى ورشة حوار وطني وفي الأزمات يكون دائماً الضابط المعتدل لأي عنف أو أزمة لأنه من الأفضل دائماً أن تأتي القيادات إلى المجلس من أن تكون المعارضة في شارع لا نعرف قياداته وفي الأزمات نستعمل العنف ونجهل مراكز القوى التي تحرك الشارع ونفقد القدرة على الحوار معها بالوسائل السياسية .

ـ حول قانون الطوارئ  :

في المعارضة السياسية في سورية هناك جهل في موضوع قانون الطوارئ وشرائح سياسية عديدة طالبت بإلغائه .

والحقيقة أن المشكلة ليست في وجود قانون للطوارئ يجيز للسلطة التوقيف العرفي والمصادرة في حالتي الحرب الأهلية الفعلية والكوارث العامة ففي كل بلاد العالم يوجد مثل هذا القانون لا فرق بين دول ديمقراطية أو استبدادية .

ما نشكو منه في سورية هو أن هذا القانون الذي عطي السلطة الحق في إعلان الأحكام العرفية قد تجاوز ضرورته .

نحن نشكو من الأحكام العرفية ولا نشكو من وجود القانون ولا نطالب بإلغائه بل بإلغاء الأحكام العرفية المعلنة من السلطة بموجب التفويض الوارد في                قانون الطوارئ .

في سورية ومنذ 22 / 2 / 1958 أعلنت الأحكام العرفية واستمرت قائمة دون انقطاع إلى عام / 1961 / لمدة بسيطة وهي قائمة حتى الآن

وجود أحكام عرفية مدة نصف قرن في بلد لم يحارب إلا أياماً معدودة وفي بلد لا توجد فيه حرب أهلية معناه هو وجود الاستبداد .

لذلك نرى أن يتم رفع هذه الأحكام بالتدريج ونهائياً بعد إنجاز المصالحة الوطنية التي تجعل الحاجة إليها باسم الأمن والعدوان الخارجي غير ضرورية .

ـ حول المصالحة الوطنية في سورية :

إن أي بلد يواجهه احتمال العدوان الخارجي أو يعاني من حالة استعصاء سياسي أو يرغب بتحقيق انتقال نحو وضع آخر دون المرور بالكوارث يحتاج أولاً للوحدة الوطنية .

هذه الوحدة لا يمكن تحقيقها بالشعارات ولا بإدعاء وجودها لتبرير عدم الجدية في تحقيقها .

الوحدة الوطنية تحتاج لمبادئ يلتقى عليها كل النسيج الوطني لكي تلبي حاجات التغيير الداخلي ولكي تراعي مجمل الأوضاع في المنطقة للخروج بمشروع لا يمليه الخارج ويؤدي إلى سحب ذرائع التدخل الخارجي .

لكي نصل إلى هذه الوحدة نحتاج إلى الحوار الذي لا يحذف منه أي تيار أو حزب لأن هذه الوحدة تنطلق من حق الناس في المشاركة في حكم بلدهم .

هذا الحوار يمكن أن تباشره السلطة عبر اتصالات فردية مع كل أحزاب الساحة ونخبها السياسية أو عبر مؤتمر وطني واسع الطيف يلتقى فيه الجميع تحت سقف الوطن لوضع عقد إجماعي يعتبر فيه الجميع الماضي من التاريخ ولا يكون وسيلة لحذف أي آخر ولا لإجتثاثه ولا لإثارة أي نعرات طائفية أو دينية .

 

 

الحامل الأساسي لهذا المؤتمر الوطني هو الإقرار بحاجتنا للديمقراطية بروح توافقيه تضع مصلحة الوطن فوق مصالح الأفراد والأحزاب والجماعات .. هذا المؤتمر لا يستهدف تبادل الأدوار في الساحة بل في خلق جو تصالحي لا يجد فيه أحد حزبه أو مكوناته خارج المعادلة الوطنية ..

أول الشروط التصالحية اعتماد الولاء الوطني وما عداه بعد ذلك من التفاصيل .

وفي الزمن الصعب على سورية والعرب نحتاج للرجال الشجعان من مختلف التيارات ونحتاج للعقل والواقعية السياسية لكي يبقى لنا وطن لا تدوسه أقدام المحتلين .

10 / 2 / 2006

 

 

Articles

Copyright © 2012 Hachwa
Last modified: 03/19/13 
Hit Counter