التعدديات السورية وآفاق المستقبل
ادوار
حشوة
كان
مدحت باشا واليا على بلاد الشام وكان رجل دولة ومتنورا فكتب الى السلطان
ما معناه
أن في بلاد الشام أكثر من 26 دين وملة وطائفة وعنصر وان حكم هذا البلد
على قاعدة واحدة يخلق حالة قهر ويفجر الثورات ولا بد لكي يتحقق الاستقرار
من مراعا ة هذه الخصوصيات واحترامها
.
كان جواب السلطان الموافقة وتحقق فعلا الاستقرار في جبال العلويين
وفي لبنان حيث قام حكم شبه ذاتي ينفذ مطالب السلطنة. عن طريق اشراك
ابنائها في الادارة.
ما يهم الان أن نقر ان هذه التعدديات هي وليدة تاريخ طويل فلا احد
استورد هذه التعدديات ولا مستعمر جاء بها ورحل هي موجودة كجزء اصيل
من النسيج السوري ولا تقبل الاقتلاع ولا
يمكن قمعها ولا الغاء استحقاقها الوطني ولان الوضع هو كذلك فان
التعايش بين اطيافها كان
اساسيا وتناقلته الاجيال وصمد بمواجهة متطرفين ارادوا اغتياله
.
أي تعددية في سورية لاتستطيع ان تقفز على هذا الواقع وان تستولى على
السلطة باسم تعدديتها
لانها بذلك تؤسس لحروب طويلة وتعتدي على التوافق التاريخي على العيش
المشترك.
العثمانيون حين فرضوا لغتهم وارادوا تتريك العرب قامت بوجهم الثورة لانه
لايمكن لاي عنصرأن
يلغي بالقوة العناصر الاخرى.
.
وحين في لبنان حاول الموارنة احتكار القيادة في بلد تعددي واجهتهم
الثورات حتى عادوا الى التوافق والتعايش الوطني لانه لابديل عنه
والغاء الاخر غير ممكن لا بالقوة ولا بالسياسة.
وحين حاولت السلطة بعد1963 تعريب المناطق الكردية وتهجير الاكراد
واستيراد البدو ومنحهم
الاراضي كان ذلك اقتلاعا لعناصر موجودة بفعل التاريخ ومثل هذه السياسة
تمثل عنصرية عربية شوفينية ادت الى انتفاضات كردية مشروعة ولا يمكن
توقفها الا على قاعدة الحق في الوجود والاعتراف بخصوصيتها في اطا ر
وطن موحد وديمقراطي وحر.
وحين قام الاسد بتركيز السلطة في مجموعات عائلية وطائفية ليحمي حكمه
متخليا عن (برداية)
البعث السياسية انكشف كحكم طائفي فقامت الثورة لا لالغاء الطائفة
العلوية وحقها في الوجود
كما يزعمون بل لمنع العسكرين من ابنائها من احتكار السلطة
لان هذا غير مقبول في مجتمع تعددي اذا اراد الامن والاستقرار فلا
سبيل الى ذلك الا بالعيش المشترك.
في الحراك الشعبي اليوم نسمع اصواتا متطرفة تريد حكما من لون اخر
ولا تريد ديمقراطية وتهدد بالالغاء فترتكب غلطة تاريخية وتكرر
مواقف اثبت التاريخ فشلها لان البلد التعددي
لاطريق امامه للعيش سوى الديمقراطية التي تنبع السلطة
خلالها من صناديق الاقتراع لامن الاديان ولا الطوائف ولا العناصر
لان هذه الديمقراطية تعطي لكل صاحب حق حقه حسب نسبته وقوته في العمل
السياسي .
لقد فشلت محاولات العسكر الاستيلاء على السلطة وفشلت نظريتهم ان
السلطة تنبع من فوهات البنادق والذين الان يعتقدون ان السلاح
يعطيهم الحق في استولاد السلطة مجددا من بنادقهم يقعون في خطأ
الاستنتاج وسيفشلون.
كفانا عسكرا وضباطا واسلحة نحن بحاجة لفسحة يستطيع العقل فيها
ان يؤسس دولة وطنية لكل التعدديات ويحترم خصوصياتها في اطار
دستور وطني لايمثل الاديان والطوائف والعناصر بل يمثل كل
النسيج السوري التعددي فيسود السلا م وتنتصر الحرية
نريد جيشا يحمي الديمقراطية والتعايش ولا يقفز عليهما لاي سبب ولا تكون
سورية ملكا للجيش وطموحات ضباطه بل يكون الجيش ملكا لسورية.وخاضعا
لارادتها السياسية.
فهل نحن على هذا الطريق الديمقراطي ام ترانا نستمر في اجترار تاريخ
الخوف ونبحث عن عسكر جديد يجلدنا ويسلب حريتنا ويهجرنا ؟؟ هذا هو
السؤال .
12-12-2012