ادوار حشوة: من تغيير الشعارات الى تغيير التحالفات!!
كما حدث في ايران بعد ثورة الخميني
الدينية كذلك سيحدث في البلاد العربية التي ثارت على نظم حكامها
في ما يسمى الربيع العربي افتراضا. ففي ايران اخذ الصراع السياسي شكلا
جديدا تجاوز الاحزاب السياسية فصار بين من يريد دولة
دينية يحكمها رجال الدين وبين من يريد دولة مدنية تحكمها الاحزاب عبر
صناديق الاقتراع.
صار الاصطفاف في هذا الجانب او ذاك هو الخيار الوحيد الذي فرضه الواقع
فالصراع لم يعد بين يمين ولا يسار ولا بين قومية
ولا بين اممية الهم الوطني تحدد في موضوع شكل الدولة هل هي دينية أم هي
مدنية وما عدا ذلك بقي من التفاصيل.
في سورية لم يكن الصراع في بدايات الانفجار على (شكل الدولة ) بل على
(نوع ) نظامها الديكتاتوري الرئاسي الذي استعان بشبكة
مقربةمن ا لاهل والعشيرة والطائفة فاربك الحياة السياسية ..
كان الشعار في الشارع السلمي ( تغيير النظام لا اسقاط الدولة ).وبعد
أن رفض النظام اي تغيير في بنيته وشكله الديكتاتوري ومن ثم
ذهابه الى الحل القمعي مستخدما كل اسلحة الجيش حتى الممنوعة دوليا فان
هذا التصرف تسبب في تحويل قصري على شكل
الاحتجاج السلمي حين سعى البعض الى سلاح مضاد يوقف الهجمة المسلحة من
السلطة فصار الصراع مسلحا ودخلت مخابرات الدول
الى الساحة السورية تحت مسميات مختلفة دينية وطائفية وسياسية وحتى
اسرائيلية لكي تحقق اغراضها بعيدا عن مصلحة الشعب السوري
واهدافه الحقيقية وادى ذلك الى شكل جديد للصراع هو بين دولة ديكتاتورية
طائفية المركز وبين فصائل مسلحة اغلبها يريد دولة دينية يحكمها
رجال الدين وتطرح مشروعها للتغيير يعود الى زمن بعيد جدا.
هذا التغيير العسكري في ساحة المعارضة اربك فعلا قسما كبيرا من المعارضة
السلمية التي هي الاكبر كشريحة والاقل في المساهمة
عسكريا فصارت محرجة فعلا لأنها تريد دولة ديمقراطية ولاتريد تغييرا في
شكل الدولة ولا تحبذ قيام دولة دينية في مجتمع تعددي اثبت
قدرته على التعايش بين عناصر متعددة دينيا وعنصريا الامر الذي مع تصاعد
انصار الدولة الدينية صارت هذه الشريحة اقرب الى رفض
علني للمشاريع السلفية فحدثت صدامات داخل البيت العسكري للمعارضة وحتى
داخل البيت السياسي بصورة اوضح.
النظام ارتاح كثيرا لدخول مشروع الدولة الدينية الى ساحة الصراع لان هذا
سيقسم المعارضة سياسيا وعسكريا
وسوف يضعف التأييد
الدولي لخصومه الذين سيسهل عليه اتهامهم بالارهاب ويحسن صورة النظام
امام العالم الذي سيصبح امام إما قبول النظام الديكتاتوري الحالي
او انتظار نظام ديني سلفي قادم وفي استقراء الواقع قد يختار المجتمع
الدولي بقاء النظام .
اذا استمرت بعض
الفصائل المسلحة في
طرح مفهومها حول شكل الدولة فان ذلك سيؤدي الى فائدة كبيرة للنظام و
تمده بالقدرة على البقاء
وتخفض نسبة
المؤيدين للمعارضة ومثل
هذه المشاريع
لايوجد لها
انصار حقيقيون على الارض
السورية..
هذا الوضع اذا
لم يوجد اتفاق على ترحيل موضوع شكل الدولة الى ما بعد انتخابات قادمة
التي وحدها تفرض بالاقتراع لا بقوة السلاح الدستور الجديد فاننا
سنواجه انقساما مبكرا بين من يريد دولة دينية يحكمها جال الدين
وبين من يريد دولة ديمقراطية تحكمها صناديق الاقتراع وهذا سوف يغير
خريطة التحالفات وقسم كبير من مؤيدي النظام بما فيهم من أيده اقتناعا
او خوفا سينضم الى الحليف
الديمقراط وفي
هذه الحالة من الاستقطاب السياسي الجديد سوف تزول الحاجة الى كل احزاب
الساحة ولايكون فيها سوى خيار واحد من اثنين الحكم الديني او الحكم
المدني الديمقراطي وترحل كل احزاب الساحة الى متحف التاريخ.
منذ بداية
التظاهرات السلمية ثم بعد عسكرة الثورة وبعد قيام المجلس الوطني ومن ثم
الائتلاف طالبنا بتبني دستور 1950 كمشروع انتقالي وذلك لمنع دخول مشاريع
مستوردة الى الساحة ولكن عدم وجود الخبرة السياسية حال دون ذلك فتشكل
فراغ استولت بسببه تنظيمات متطرفة على الساحة حاملة مشاريعها التي
اضعفت الثورة وقسمت المعارضة وخدمت النظام ورحلت اليه قوى سياسية
اعتبرته الخيار الافضل.
فهل تعود هذه
الفصائل عن مشاريعها المبكرة وتؤجلها الى ما بعد سقوط النظام وهل سيعلن
الائتلاف دستور 1950 الان وقبل جنيف 2 لانقاذ الوضع هذا هو السؤال .؟؟
دمشق 6-11-2013